الْمِثَالُ الْأَوَّلُ: إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْهُ دَارًا مُدَّةَ سِنِينَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ، فَخَافَ أَنْ يَغْدِرَ بِهِ الْمُكْرِي فِي آخِرِ الْمُدَّةِ وَيَتَسَبَّبَ إلَى فَسْخِ الْإِجَارَة بِأَنْ يَظْهَرَ أَنَّهُ لَمْ تَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِيجَارِ أَوْ أَنَّ الْمُؤَجَّرَ مِلْكٌ لِابْنِهِ أَوْ امْرَأَتِهِ أَوْ أَنَّهُ كَانَ مُؤَجَّرًا قَبْلَ إيجَارِهِ، وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الْمَقْبُوضَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْمُدَّةِ وَيَنْتَزِعُ الْمُؤَجَّرَ لَهُ مِنْهُ؛ فَالْحِيلَةُ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ هَذِهِ الْحِيلَةِ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْمُسْتَأْجِرُ دَرَكَ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، فَإِذَا اُسْتُحِقَّتْ أَوْ ظَهَرَتْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةً رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَهُ مِنْهُ، أَوْ يَأْخُذُ إقْرَارَ مَنْ يَخَافُ مِنْهُ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْعَيْنِ وَأَنَّ كُلَّ دَعْوَى يَدَّعِيهَا بِسَبَبِهَا فَهِيَ بَاطِلَةٌ، أَوْ يَسْتَأْجِرُهَا مِنْهُ بِمِائَةِ دِينَارٍ مَثَلًا ثُمَّ يُصَارِفَهُ كُلَّ دِينَارٍ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ، فَإِذَا طَالَبَهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ طَالَبَهُ هُوَ بِالدَّنَانِيرِ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخَفْ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يَخَافُ أَنْ يَغْدِرَ بِهِ فِي آخِرِ الْمُدَّةِ، فَلْيُقَسِّطْ [مَبْلَغَ] الْأُجْرَةِ عَلَى عَدَدِ السِّنِينَ، وَيَجْعَلْ مُعْظَمَهَا لِلسَّنَةِ الَّتِي يَخْشَى غَدْرَهُ فِيهَا.
وَكَذَلِكَ إذَا خَافَ الْمُؤَجِّرُ أَنْ يَغْدِرَ الْمُسْتَأْجِرُ وَيَرْحَلَ فِي آخِرِ الْمُدَّةِ، فَلْيَجْعَلْ مُعْظَمَ الْأُجْرَةِ عَلَى الْمُدَّةِ الَّتِي يَأْمَنُ فِيهَا مِنْ رَحِيلِهِ، وَالْقَدْرَ الْيَسِيرَ مِنْهَا لِآخِرِ الْمُدَّةِ
[الْمِثَالُ الثَّانِي خَوْفُ رَبِّ الدَّارِ غَيْبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَحْتَاجُ إلَى دَارِهِ]
الْمِثَالُ الثَّانِي: أَنْ يَخَافَ رَبُّ الدَّارِ غَيْبَةَ الْمُسْتَأْجِرِ، وَيَحْتَاجُ إلَى دَارِهِ فَلَا يُسَلِّمُهَا أَهْلُهُ إلَيْهِ، فَالْحِيلَةُ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُؤَجِّرَهَا رَبُّهَا مِنْ امْرَأَةِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَيَضْمَنُ الزَّوْجُ أَنْ تَرُدَّ إلَيْهِ الْمَرْأَةُ الدَّارَ وَتُفْرِغَهَا مَتَى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ، أَوْ تَضْمَنُ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ إذَا اسْتَأْجَرَ الزَّوْجُ؛ فَمَتَى اسْتَأْجَرَ أَحَدُهُمَا وَضَمِنَ الْآخَرُ الرَّدَّ لَمْ يَتَمَكَّنْ أَحَدُهُمَا مِنْ الِامْتِنَاعِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْمُسْتَأْجِرُ فَجَحَدَ وَرَثَتُهُ الْإِجَارَةُ وَادَّعَوْا أَنَّ الدَّارَ لَهُمْ نَفَعَ رَبَّ الدَّارِ كَفَالَةُ الْوَرَثَةِ وَضَمَانُهُمْ رَدَّ الدَّارِ إلَى الْمُؤَجِّرِ، فَإِنْ خَافَ الْمُؤَجِّرُ إفْلَاسَ الْمُسْتَأْجِرِ وَعَدَمَ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَبْضِ الْأُجْرَةِ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ كَفِيلًا بِأُجْرَةِ مَا سَكَنَ أَبَدًا، وَيُسَمِّيَ أُجْرَةَ كُلِّ شَهْرٍ لِلضَّمِينِ، وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ بِضَمَانِهِ
[الْمِثَالُ الثَّالِثُ أَذِنَ رَبُّ الدَّارِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَكُونَ فِي الدَّارِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَخَافَ أَنْ لَا يُحْتَسَبَ مِنْ الْأُجْرَةِ]
الْمِثَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَأْذَنَ رَبُّ الدَّارِ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَكُونَ فِي الدَّارِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَوْ يَعْلِفَ الدَّابَّةَ بِقَدْرِ حَاجَتِهَا، وَخَافَ أَنْ لَا يَحْتَسِبَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ الْأُجْرَةِ؛ فَالْحِيلَةُ فِي اعْتِدَادِهِ بِهِ عَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّرَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الدَّابَّةُ أَوْ الدَّارُ، وَيُسَمِّي لَهُ قَدْرًا مَعْلُومًا، وَيَحْسِبَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ، وَيُشْهِدَ عَلَى الْمُؤَجِّرِ أَنَّهُ قَدْ وَكَّلَهُ فِي صَرْفِ ذَلِكَ الْقَدْرِ فِيمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الدَّارُ أَوْ الدَّابَّةُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ تُجَوِّزُونَ لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ أَنْ يُوَكِّلَهُ فِي الْمُضَارَبَةِ بِهِ أَوْ الصَّدَقَةِ بِهِ أَوْ إبْرَاءِ نَفْسِهِ مِنْهُ أَوْ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ شَيْئًا، وَيَبْرَأَ الْمَدِينُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ؟
قِيلَ: هَذَا مِمَّا اُخْتُلِفَ فِيهِ وَفِي صُورَةِ الْمُضَارَبَةِ بِالدَّيْنِ قَوْلَانِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute