للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ]

فَصْلٌ:

[فَتَاوَى فِي أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ] «وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حَرَّمَ عَلَيْهِمْ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَعِبَادَةَ الْأَصْنَامِ، فَسَأَلُوهُ، وَقَالُوا: أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ، فَقَالَ هُوَ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ فَإِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا جَمَّلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ وَأَكَلُوا ثَمَنَهُ» .

وَفِي قَوْلِهِ «هُوَ حَرَامٌ» قَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ حَرَامٌ، وَالثَّانِي: أَنَّ الْبَيْعَ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَشْتَرِيهِ لِذَلِكَ، وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ مِنْهُمْ هَلْ وَقَعَ عَنْ الْبَيْعِ لِهَذَا الِانْتِفَاعِ الْمَذْكُورِ أَوْ وَقَعَ عَنْ الِانْتِفَاعِ الْمَذْكُورِ؟ وَالْأَوَّلُ اخْتِيَارُ شَيْخِنَا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْهُمْ أَوَّلًا عَنْ تَحْرِيمِ هَذَا الِانْتِفَاعِ حَتَّى يَذْكُرُوا لَهُ حَاجَتَهُمْ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَهُمْ عَنْ تَحْرِيمِ الْبَيْعِ، فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ يَبْتَاعُونَهُ لِهَذَا الِانْتِفَاعِ، فَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُمْ فِي الْبَيْعِ، وَلَمْ يَنْهَهُمْ عَنْ الِانْتِفَاعِ الْمَذْكُورِ، وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَ جَوَازِ الْبَيْعِ وَحِلِّ الْمَنْفَعَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

«وَسَأَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو طَلْحَةَ عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا، فَقَالَ أَهْرِقْهَا قَالَ: أَفَلَا أَجْعَلُهَا خَلًّا؟ قَالَ لَا» حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَفِي لَفْظٍ «أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي اشْتَرَيْتُ خَمْرًا لِأَيْتَامٍ فِي حِجْرِي، فَقَالَ أَهْرِقْ الْخَمْرَ وَاكْسِرْ الدِّنَانَ» .

«وَسَأَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ فَقَالَ: الرَّجُلُ يَأْتِينِي وَيُرِيدُ مِنِّي الْبَيْعَ وَلَيْسَ عِنْدِي مَا يَطْلُبُ، أَفَأَبِيعُ مِنْهُ ثُمَّ أَبْتَاعُ مِنْ السُّوقِ؟ قَالَ لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك» ذَكَرَهُ أَحْمَدُ.

«وَسَأَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا فَقَالَ: إنِّي أَبْتَاعُ هَذِهِ الْبُيُوعَ، فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ عَلَيَّ مِنْهَا؟ قَالَ يَا ابْنَ أَخِي لَا تَبِيعَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَقْبِضَهُ» ذَكَرَهُ أَحْمَدُ، وَعِنْدَ النَّسَائِيّ: «ابْتَعْتُ طَعَامًا مِنْ طَعَامِ الصَّدَقَةِ فَرَبِحْتُ فِيهِ قَبْلَ أَنْ أَقْبِضَهُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ لَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ» .

«وَسُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الصَّلَاحِ الَّذِي إذَا وُجِدَ جَازَ بَيْعُ الثِّمَارِ، فَقَالَ: تَحْمَارُّ وَتَصْفَارُّ وَيُؤْكَلُ مِنْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

«وَسَأَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ فَقَالَ: مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ الْمَاءُ قَالَ: مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ الْمِلْحُ قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ النَّارُ ثُمَّ سَأَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا الشَّيْءُ الَّذِي لَا يَحِلُّ مَنْعُهُ؟ قَالَ أَنْ تَفْعَلَ الْخَيْرَ خَيْرٌ لَكَ» ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُد.

<<  <  ج: ص:  >  >>