للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سِتَّةُ آلَافٍ، وَقَدْ حَصَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَرْضَيْنِ بِهَذِهِ الشَّرِكَةِ بَيْنَهُمَا أَسْدَاسًا، خَمْسَةَ أَسْدَاسِهِ لِأَحَدِهِمَا وَسُدُسَهُ لِلْآخَرِ، فَإِذَا هَلَكَ أَحَدُهُمَا هَلَكَ عَلَى الشَّرِكَةِ.

قَالُوا: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُوَكَّلِ لِمُوَكِّلِهِ فِيمَا هُوَ وَكِيلُهُ فِيهِ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَاهِدٌ غَيْرُهُ وَخَافَ ضَيَاعَ حَقِّهِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَعْزِلَهُ حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ ثُمَّ يُوَكِّلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَرَادَ.

قَالُوا: وَلَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ، وَثُلُثَهُ يَحْتَمِلُهُ، وَخَافَ عَلَيْهِ مِنْ الْوَرَثَةِ أَنْ يَجْحَدُوا الْمَالَ وَيَرِثُوا ثُلُثَيْهِ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالًا يَشْتَرِي نَفْسَهُ مِنْهُ بِحَضْرَةِ شُهُودٍ، وَيَشْهَدُونَ أَنَّهُ قَدْ أَقَبَضَهُ الْمَالَ، وَصَارَ الْعَبْدُ حُرًّا.

قَالُوا: وَكَذَلِكَ الْحِيلَةُ لَوْ كَانَ لِأَحَدِ الْوَرَثَةِ دَيْنٌ عَلَى الْمَوْرُوثِ، وَلَيْسَتْ لَهُ بِهِ بَيِّنَةٌ، فَأَرَادَ بَيْعَهُ الْعَبْدَ بِدَيْنِهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ سَوَاءٌ.

قَالُوا: وَلَوْ قَالَ: " أَوْصَيْت إلَى فُلَانٍ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ فَإِلَى فُلَانٍ " وَخَافَ أَنْ تَبْطُلَ الْوَصِيَّةُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَرَى جَوَازَ تَعْلِيقِ الْوِلَايَةِ بِالشَّرْطِ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يَقُولَ: " فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَصِيَّانِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ أَحَدُهُمَا وَقَبِلَ الْآخَرُ فَاَلَّذِي قَبِلَ هُوَ الْوَصِيُّ " فَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ الْوِلَايَةَ بِالشَّرْطِ.

قَالُوا: وَلَوْ أَرَادَ ذِمِّيٌّ أَنْ يُسْلِمَ وَعِنْدَهُ خَمْرٌ كَثِيرٌ، فَخَافَ أَنْ يَذْهَبَ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُبَادِرَ بِبَيْعِهَا مِنْ ذِمِّيٍّ آخَرَ ثُمَّ يُسْلِمُ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُ تَقَاضِيهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ بَادَرَ الْآخَرُ وَأَسْلَمَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ ذَلِكَ.

وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مَجُوسِيٍّ بَاعَ مَجُوسِيًّا خَمْرًا ثُمَّ أَسْلَمَا يَأْخُذُ الثَّمَنَ، قَدْ وَجَبَ لَهُ يَوْمَ بَاعَهُ.

قَالَ أَرْبَابُ الْحِيَلِ: فَهَذَا رَهْنٌ، الْفَرْقُ عِنْدَنَا بِأَنَّهُمْ قَالُوا بِالْحِيَلِ وَأَفْتَوْا بِهَا، فَمَاذَا تُنْكِرُونَ عَلَيْنَا بَعْدَ ذَلِكَ وَتُشَنِّعُونَ؟ وَمِثَالُنَا وَمِثَالُهُمْ فِي ذَلِكَ كَقَوْمٍ وَجَدُوا كَنْزًا فَأَصَابَ كُلٌّ مِنْهُمْ طَائِفَةً مِنْهُ فِي يَدَيْهِ، فَمُسْتَقِلٌّ وَمُسْتَكْثِرٌ، ثُمَّ أَقْبَلَ بَعْضُ الْآخِذِينَ يَنْقِمُ عَلَى بَقِيَّتِهِمْ، وَمَا أَخَذَهُ مِنْ الْكَنْزِ فِي يَدَيْهِ، فَلْيَرْمِ مِمَّا أَخَذَ مِنْهُ ثُمَّ لِيُنْكِرْ عَلَى الْبَاقِينَ.

[جَوَابُ الَّذِينَ أَبْطَلُوا الْحِيَلَ]

قَالَ الْمُبْطِلُونَ لِلْحِيَلِ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، فَسُبْحَانَ اللَّهِ الَّذِي فَرَضَ الْفَرَائِضَ وَحَرَّمَ الْمَحَارِمَ وَأَوْجَبَ الْحُقُوقَ رِعَايَةً لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي الْمَعَاشِ وَالْمَعَادِ، وَجَعَلَ شَرِيعَتَهُ الْكَامِلَةَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَغِذَاءً لِحِفْظِ حَيَاتِهِمْ، وَدَوَاءً لِدَفْعِ أَدْوَائِهِمْ، وَظِلَّهُ الظَّلِيلَ الَّذِي مَنْ اسْتَظَلَّ بِهِ أَمِنَ مِنْ الْحَرُورِ، وَحِصْنَهُ الْحَصِينَ الَّذِي مَنْ دَخَلَهُ نَجَا مِنْ الشُّرُورِ، فَتَعَالَى شَارِعُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>