للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي تَأْجِيلِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُعْسِرِ]

حِيلَةٌ فِي تَأْجِيلِ الدَّيْنِ عَلَى الْمُعْسِرِ]

الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَأَعْسَرَ بِهِ فَادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ، فَإِنْ أَنْكَرَهُ كَانَ كَاذِبًا، وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ أَلْزَمَهُ إيَّاهُ، وَإِنْ جَحَدَهُ أَقَامَ بِهِ الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ ادَّعَى الْإِعْسَارَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُدَّعِي قَدْ ظَهَرَ لِلْحَاكِمِ كَذِبُهُ فِي جَحْدِهِ الْحَقَّ فَهَكَذَا هُوَ كَاذِبٌ فِي دَعْوَى الْإِعْسَارِ؛ فَالْحِيلَةُ فِي تَخْلِيصِهِ أَنْ يَقُولَ: لَا يَلْزَمُنِي تَوْفِيَةُ مَا يَدَّعِيه عَلَيَّ وَلَا أَدَاؤُهُ، فَإِنْ طَالَبَهُ الْحَاكِمُ بِجَوَابٍ يُطَابِقُ السُّؤَالَ فَلَهُ أَنْ يُوَرِّيَ كَمَا تَقَدَّمَ، وَيَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنْ خَشِيَ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَهُنَا تَعِزُّ عَلَيْهِ الْحِيلَةُ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ إلَّا تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَجْزَهُ عَنْ الْوَفَاءِ أَوْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْوَفَاءِ، فَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْعَجْزِ لَمْ يَبْقَ لَهُ حِيلَةٌ غَيْرُ الصَّبْرِ.

[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ فِي تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ]

[حِيلَةٌ فِي تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ]

الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ: إذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا هِيَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَهِيَ لِصَاحِبِ الْيَدِ، فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً حُكِمَ لَهُ بِبَيِّنَتِهِ؛ فَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً؛ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: بَيِّنَةُ صَاحِبِ الْيَدِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ قَدْ تَعَارَضَتَا، وَسَلِمَتْ الْيَدُ عَنْ مُعَارِضٍ، وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ: بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوَّلُ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةُ عِلْمٍ خَفِيَتْ عَلَى بَيِّنَةِ صَاحِبِ الْيَدِ فَإِنَّهَا تَسْتَنِدُ إلَى ظَاهِرِ الْيَدِ، وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ تَسْتَنِدُ أَيْضًا إلَى سَبَبٍ خَفِيٍّ عَلَى بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ فَتَكُونُ أَوْلَى، فَالْحِيلَةُ فِي تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ عِنْدَ مَنْ يُقَدِّمُ بَيِّنَةَ الدَّاخِلِ أَنْ يَدَّعِيَ الْخَارِجُ أَنَّهُ فِي يَدِ الدَّاخِلِ غَصْبًا أَوْ عَارِيَّةً أَوْ وَدِيعَةً أَوْ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ، ثُمَّ تَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ عَلَى وَفْقِ مَا ادَّعَاهُ، فَحِينَئِذٍ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَهُمْ.

[الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ الْحِيلَةُ الْمُخَلِّصَةُ مِنْ لَدْغِ الْمُخَادِعِ]

[حِيلَةٌ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ لَدْغِ الْمُخَادِعِ]

الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: الْحِيلَةُ الْمُخَلِّصَةُ مِنْ لَدْغِ الْعَقَارِبِ، وَذَلِكَ إذَا اشْتَرَى الْمَاكِرُ الْمُخَادِعُ مِنْ رَجُلٍ دَارًا أَوْ بُسْتَانًا أَوْ سِلْعَةً، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ، ثُمَّ مَضَى إلَى الْبَيْتِ أَوْ الْحَانُوتِ لِيَأْتِيَهُ بِالثَّمَنِ، فَأَقَرَّ بِجَمِيعِ مَا فِي يَدِهِ لِوَلَدِهِ أَوْ لِامْرَأَتِهِ، فَلَا يَصِلُ الْبَائِعُ إلَى أَخْذِ الثَّمَنِ، فَالْحِيلَةُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ أَوْ يَمْضِيَ بَعْدَ الْبَيْعِ مَعَهُ إلَيْهِ لِيَثْبُتَ لَهُ التَّبَايُعَ، ثُمَّ يَسْأَلَهُ قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي مَالِهِ، وَيَقِفَهُ حَتَّى يُسْلِمَ إلَيْهِ الثَّمَنَ؛ لِئَلَّا يَتْلَفَ مَالُهُ أَوْ يَتَبَرَّعَ بِهِ فَيَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْوُصُولُ إلَى حَقِّهِ. وَيَلْزَمُ الْحَاكِمَ إجَابَتُهُ إذَا خَشِيَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً لِصَاحِبِ الْحَقِّ عَلَى التَّوَصُّلِ إلَى حَقِّهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>