للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخَرُ النِّدَاءَ بَعْدَ الْأَذَانِ لِلصَّلَاةِ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ، وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ، وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ؟ وَاسْتَحَبَّ لَنَا آخَرُ لُبْسَ السَّوَادِ وَالطَّرْحَةِ لِلْخَطِيبِ، وَخُرُوجَهُ بِالشَّاوِيشِ يَصِيحُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَرَفْعَ الْمُؤَذِّنِينَ أَصْوَاتَهُمْ كُلَّمَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ وَاسْمُ رَسُولِهِ جَمَاعَةً وَفُرَادَى، وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّ هَذَا لَمْ يُنْقَلْ؟ وَاسْتَحَبَّ لَنَا آخَرُ صَلَاةَ لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ أَوْ لَيْلَةَ أَوَّلِ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّ إحْيَاءَهُمَا لَمْ يُنْقَلْ؟ وَانْفَتَحَ بَابُ الْبِدْعَةِ، وَقَالَ كُلُّ مَنْ دَعَا إلَى بِدْعَةٍ: مِنْ أَيْنَ لَكُمْ أَنَّ هَذَا لَمْ يُنْقَلْ؟ وَمِنْ هَذَا تَرَى أَخْذَ الزَّكَاةِ مِنْ الْخَضْرَاوَاتِ وَالْمَبَاطِخِ وَهُمْ يَزْرَعُونَهَا بِجِوَارِهِ بِالْمَدِينَةِ كُلَّ سَنَةٍ؛ فَلَا يُطَالِبُهُمْ بِزَكَاةٍ، وَلَا هُمْ يُؤَدُّونَهَا إلَيْهِ.

فَصْلٌ

[نَقْلُ الْأَعْيَانِ]

وَأَمَّا نَقْلُ الْأَعْيَانِ وَتَعْيِينُ الْأَمَاكِنِ فَكَنَقْلِهِمْ الصَّاعَ وَالْمُدَّ وَتَعْيِينُ مَوْضِعِ الْمِنْبَرِ وَمَوْقِفِهِ لِلصَّلَاةِ وَالْقَبْرِ وَالْحُجْرَةِ وَمَسْجِدِ قُبَاءَ وَتَعْيِينُ الرَّوْضَةِ وَالْبَقِيعِ وَالْمُصَلَّى وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَنَقْلُ هَذَا جَارٍ مَجْرَى نَقْلِ مَوَاضِعِ الْمَنَاسِكِ كَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَمِنًى وَمَوَاضِعِ الْجَمَرَاتِ وَمُزْدَلِفَةَ وَعَرَفَةَ وَمَوَاضِعِ الْإِحْرَامِ كَذِي الْحُلَيْفَةِ وَالْجُحْفَةِ وَغَيْرِهِمَا.

فَصْلٌ

[نَقْلُ الْعَمَلِ الْمُسْتَمِرِّ]

وَأَمَّا نَقْلُ الْعَمَلِ الْمُسْتَمِرِّ فَكَنَقْلِ الْوُقُوفِ وَالْمُزَارَعَةِ، وَالْأَذَانِ عَلَى الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ، وَالْأَذَانِ لِلصُّبْحِ قَبْلَ الْفَجْرِ، وَتَثْنِيَةِ الْأَذَانِ وَإِفْرَادِ الْإِقَامَةِ، وَالْخُطْبَةِ بِالْقُرْآنِ وَبِالسُّنَنِ دُونَ الْخُطْبَةِ الصِّنَاعِيَّةِ بِالتَّسْجِيعِ وَالتَّرْجِيعِ الَّتِي لَا تُسْمِنُ وَلَا تُغْنِي مِنْ جُوعٍ؛ فَهَذَا النَّقْلُ وَهَذَا الْعَمَلُ حُجَّةٌ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا، وَسُنَّةٌ مُتَلَقَّاةٌ بِالْقَبُولِ عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنَيْنِ، وَإِذَا ظَفِرَ الْعَالِمُ بِذَلِكَ قَرَّتْ بِهِ عَيْنُهُ، وَاطْمَأَنَّتْ إلَيْهِ نَفْسُهُ.

[فَصَلِّ الْعَمَلُ الَّذِي طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادُ وَالِاسْتِدْلَالُ]

فَصْلٌ

[الْعَمَلُ الَّذِي طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادُ]

وَأَمَّا الْعَمَلُ الَّذِي طَرِيقُهُ الِاجْتِهَادُ وَالِاسْتِدْلَالُ فَهُوَ مُعْتَرَكُ النِّزَالِ وَمَحَلُّ الْجِدَالِ.

قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ أَصْلًا، وَأَنَّ الْحُجَّةَ هِيَ إجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>