وَالنِّزَاعُ فِي الْأُخْتِ لِلْأَبِ مَعَ الْأُخْتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبَوَيْنِ كَبِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ وَالْبَنَاتِ سَوَاءٌ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[فَصَلِّ مِيرَاثُ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: مِيرَاثُ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ لِقَوْلِ الصِّدِّيقِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ كَأَبِي مُوسَى وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ مِنْهُمْ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَوَجْهُ دَلَالَةِ الْقُرْآنِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَوْله تَعَالَى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦] إلَى آخِرِ الْآيَةِ، فَلَمْ يَجْعَلْ لِلْإِخْوَةِ مِيرَاثًا إلَّا فِي الْكَلَالَةِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْكَلَالَةِ، وَالْكِتَابُ يَدُلُّ عَلَى قَوْلِ الصِّدِّيقِ أَنَّهَا مَا عَدَا الْوَالِدَ وَالْوَلَدَ، فَإِنَّهُ - سُبْحَانَهُ - قَالَ فِي مِيرَاثِ وَلَدِ الْأُمِّ: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء: ١٢] فَسَوَّى بَيْنَ مِيرَاثِ الْإِخْوَةِ فِي الْكَلَالَةِ، وَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمْ فِي جِهَةِ الْإِرْثِ وَمِقْدَارِهِ، فَإِذَا كَانَ وُجُودُ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ لَا يُدْخِلُهُمْ فِي الْكَلَالَةِ، بَلْ يَمْنَعُهُمْ مِنْ صِدْقِ اسْمِ الْكَلَالَةِ عَلَى الْمَيِّتِ أَوْ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى الْقَرَابَةِ، فَكَيْفَ أُدْخِلَ وَلَدُ الْأَبِ فِي الْكَلَالَةِ وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ وُجُودُهُ صِدْقَ اسْمِهَا؟ وَهَلْ هَذَا إلَّا تَفْرِيقٌ مَحْضٌ بَيْنَ مَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ؟
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ يَمْنَعُ الْإِخْوَةَ مِنْ الْمِيرَاثِ، وَيُخْرِجُ الْمَسْأَلَةَ عَنْ كَوْنِهَا كَلَالَةً، لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ: {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} [النساء: ١٧٦] وَنِسْبَةُ أَبِ الْأَبِ إلَى الْمَيِّتِ كَنِسْبَةِ وَلَدِ وَلَدِهِ إلَيْهِ، فَكَمَا أَنَّ الْوَلَدَ وَإِنْ نَزَلَ يُخْرِجُ الْمَسْأَلَةَ عَنْ الْكَلَالَةِ فَكَذَلِكَ أَبُ الْأَبِ وَإِنْ عَلَا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا أَلْبَتَّةَ.
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الثَّالِثُ: [وَهُوَ] أَنَّ نِسْبَةَ الْإِخْوَةِ إلَى الْجَدِّ كَنِسْبَةِ الْأَعْمَامِ إلَى أَبِي الْجَدِّ، فَإِنَّ الْأَخَ ابْنُ الْأَبِ وَالْعَمَّ ابْنُ الْجَدِّ، فَإِذَا خَلَّفَ عَمَّهُ وَأَبَا جَدِّهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ خَلَّفَ أَخَاهُ وَجَدَّهُ سَوَاءٌ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَقْدِيمِ أَبِ الْجَدِّ عَلَى الْعَمِّ، فَكَذَلِكَ يَجِبُ تَقْدِيمُ الْجَدِّ عَلَى الْأَخِ، وَهَذَا مِنْ أَبْيَنِ الْقِيَاسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا قِيَاسًا جَلِيًّا فَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا قِيَاسٌ جَلِيٌّ،
يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الرَّابِعُ: وَهُوَ أَنَّ نِسْبَةَ ابْنِ الْأَخِ إلَى الْأَخِ كَنِسْبَةِ أَبِ الْجَدِّ إلَى الْجَدِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute