للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالتِّسْعُونَ تَعْلِيقُ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ بِالشَّرْطِ]

تَعْلِيقُ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ بِالشَّرْطِ]

الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالتِّسْعُونَ: إذَا كَانَ لَهُ دَارَانِ فَاشْتَرَى مِنْهُ إحْدَاهُمَا عَلَى أَنَّهُ إنْ اُسْتُحِقَّتْ فَالدَّارُ الْأُخْرَى لَهُ بِالثَّمَنِ، فَهَذَا جَائِزٌ؛ إذْ غَايَتُهُ تَعْلِيقُ الْبَيْعِ بِالشَّرْطِ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ، وَقَدْ نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِهِ فِيمَنْ بَاعَ جَارِيَةً، وَشَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إنْ بَاعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ، وَفِعْلُهُ بِنَفْسِهِ كَمَا رَهَنَ نَعْلَهُ، وَشَرَطَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ إنْ جَاءَهُ بِفِكَاكِهَا إلَى وَقْتِ كَذَا، وَإِلَّا فَهِيَ لَهُ بِمَا عَلَيْهَا، وَنَصَّ عَلَى جَوَازِ تَعْلِيقِ النِّكَاحِ بِالشَّرْطِ فَالْبَيْعُ أَوْلَى، وَنَصَّ عَلَى جَوَازِ تَعْلِيقِ التَّوْلِيَةِ بِالشَّرْطِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الشَّرْعِ نَصًّا لَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ،، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ ذَلِكَ.

وَكَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ يُبْطِلُ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ فَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِهِ عِنْدَ الْكُلِّ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ الْمُشْتَرِي الدَّارَ الْأُخْرَى الَّتِي لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا، وَيَقْبِضَهَا مِنْهُ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ بِهَا الدَّارَ الَّتِي يُرِيدُ شِرَاءَهَا وَيُسَلِّمَهَا إلَيْهِ، وَيَتَسَلَّمَ دَارِهِ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ هَذِهِ الدَّارُ عَلَيْهِ رَجَعَ فِي ثَمَنِهَا، وَهُوَ الدَّارُ الْأُخْرَى، وَهَذِهِ حِيلَةٌ لَطِيفَةٌ جَائِزَةٌ لَا تَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقٍّ، وَلَا دُخُولًا فِي بَاطِلٍ، وَهِيَ مِثَالٌ لِمَا كَانَ مِنْ جِنْسِهَا مِنْ هَذَا النَّوْعِ مِمَّا يَخَافُ اسْتِحْقَاقَهُ، وَيَشْتَرِطُ عَلَى الْبَائِعِ أَخْذُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.

[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالتِّسْعُونَ: رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً أَوْ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ غَرِيبٍ]

ٍ، فَلَمْ يَأْمَنْ أَنْ تُسْتَحَقَّ أَوْ تَخْرُجَ مَعِيبَةً فَلَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ، وَلَا الرَّدُّ، فَإِنْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ ": أَنَا أُوَكِّلُ مَنْ تَعْرِفُهُ فِيمَا تَدَّعِي بِهِ مِنْ عَيْبٍ أَوْ رُجُوعٍ " لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يَحْتَالَ عَلَيْهِ وَيَعْزِلَهُ فَيَذْهَبَ حَقُّهُ، فَالْحِيلَةُ فِي التَّوَثُّقِ أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ، وَيَضْمَنَ لَهُ صَاحِبُ السِّلْعَةِ الدَّرَكَ، وَيَكُونَ وَكِيلًا لِهَذَا الَّذِي تَوَلَّى الْبَيْعَ، فَيُمْكِنُ لِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ مُطَالَبَةُ هَذَا الَّذِي تَوَلَّى الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ وَيَأْمَنُ مَا يَحْذَرُهُ.

[الْمِثَالُ الْمُوَفِّي الْمِائَة رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرِ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَان بِكَذَا وَكَذَا وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا كَذَا وَكَذَا]

الْمِثَالُ الْمُوَفِّي الْمِائَةَ: رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: " اشْتَرِ هَذِهِ الدَّارَ - أَوْ هَذِهِ السِّلْعَةَ مِنْ فُلَانٍ - بِكَذَا وَكَذَا، وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا كَذَا وَكَذَا " فَخَافَ إنْ اشْتَرَاهَا أَنْ يَبْدُوَ لِلْآمِرِ فَلَا يُرِيدُهَا، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الرَّدِّ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ يَقُولَ لِلْآمِرِ: قَدْ اشْتَرَيْتهَا بِمَا ذَكَرْت، فَإِنْ أَخَذَهَا مِنْهُ، وَإِلَّا تَمَكَّنَ مِنْ رَدِّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِالْخِيَارِ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِهَا الْآمِرُ إلَّا بِالْخِيَارِ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَشْتَرِطَ لَهُ خِيَارًا أَوْ نَقَصَ مِنْ مُدَّةِ الْخِيَارِ الَّتِي اشْتَرَطَهَا هُوَ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِيَتَّسِعَ لَهُ زَمَنُ الرَّدِّ إنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ.

[الْمِثَالُ الْحَادِي بَعْدَ الْمِائَة اشْتَرَى مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهَا فَخَافَ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِكَذَا]

الْمِثَالُ الْحَادِي بَعْدَ الْمِائَةِ: إذَا اشْتَرَى مِنْهُ جَارِيَةً أَوْ سِلْعَةً ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهَا فَخَافَ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِكَذَا وَكَذَا أَنْ يُنْكِرَ الْبَائِعُ قَبْضَ الثَّمَنِ، وَيَسْأَلَ الْحَاكِمَ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ يُنْكِرَ الْبَيْعَ وَيَسْأَلَهُ تَسْلِيمَ الْجَارِيَةِ إلَيْهِ، فَالْحِيلَةُ الَّتِي تُخَلِّصُهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ أَوَّلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>