للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَسَلَ رِجْلَهُ الْأُخْرَى وَأَدْخَلَهَا فِي الْخُفِّ، جَازَ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْبَسْ الْأُولَى عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ؛ فَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِ الْمَسْحِ أَنْ يَنْزِعَ خُفَّ الرِّجْلِ الْأُولَى ثُمَّ يَلْبَسَهُ، وَهَذَا نَوْعُ عَبَثٍ لَا غَرَضَ لِلشَّارِعِ فِيهِ، وَلَا مَصْلَحَةَ لِلْمُكَلَّفِ؛ فَالشَّرْعُ لَا يَأْمُرُهُ بِهِ.

[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي عَدَمِ حِنْثِ الْحَالِفِ]

[حِيلَةٌ فِي عَدَمِ حِنْثِ الْحَالِفِ]

الْمِثَالُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: إذَا اُسْتُحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ، فَأَحَبَّ أَنْ يَحْلِفَ وَلَا يَحْنَثَ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِقَوْلِ: " إنْ شَاءَ اللَّهُ " وَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُسْمِعَهَا نَفْسَهُ؟ فَقِيلَ: لَا بُدَّ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ، وَقَالَ شَيْخُنَا: هَذَا لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، بَلْ مَتَى حَرَّكَ لِسَانَهُ بِذَلِكَ كَانَ مُتَكَلِّمًا، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ، وَهَكَذَا حُكْمُ الْأَقْوَالِ الْوَاجِبَةِ وَالْقِرَاءَةِ الْوَاجِبَةِ، قُلْت: وَكَانَ بَعْضُ السَّلَفِ يُطْبِقُ شَفَتَيْهِ وَيُحَرِّكُ لِسَانَهُ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ذَاكِرًا، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ؛ فَإِنَّهُ لَا حَظَّ لِلشَّفَتَيْنِ فِي حُرُوفِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، بَلْ كُلُّهَا حَلْقِيَّةٌ لِسَانِيَّةٌ؛ فَيُمْكِنُ الذَّاكِرُ أَنْ يُحَرِّكَ لِسَانَهُ بِهَا وَلَا يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَلَا أَحَدًا مِنْ النَّاسِ، وَلَا تَرَاهُ الْعَيْنُ يَتَكَلَّمُ، وَهَكَذَا التَّكَلُّمُ يَقُولُ: " إنْ شَاءَ اللَّهُ " يُمْكِنُ مَعَ إطْبَاقِ الْفَمِ؛ فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ وَلَا يَرَاهُ، وَإِنْ أَطْبَقَ أَسْنَانَهُ وَفَتَحَ شَفَتَيْهِ أَدْنَى شَيْءٍ سَمِعَتْهُ أُذُنَاهُ بِجُمْلَتِهِ.

[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ الْحِيلَةُ فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ عَمَّنْ قَتَلَ زَوْجَتَهُ الَّتِي لَاعَنَهَا أَوْ قَتَلَ وَلَدَهَا]

[حِيلَةٌ فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ عَمَّنْ قَتَلَ زَوْجَتَهُ الَّتِي لَاعَنَهَا أَوْ قَتَلَ وَلَدَهَا]

الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالْأَرْبَعُونَ: إذَا لَاعَنَ امْرَأَتَهُ وَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا، ثُمَّ قَتَلَ الْوَلَدَ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، وَكَذَلِكَ إنْ قَتَلَهَا فَلِوَلَدِهَا الْقِصَاصُ إذَا بَلَغَ؛ فَإِنْ أَرَادَ إسْقَاطَ الْقِصَاصِ عَنْ نَفْسِهِ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ، وَيُقِرَّ بِأَنَّهُ ابْنُهُ؛ فَيَسْقُطَ الْقِصَاصُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَفِي جَوَازِ هَذِهِ الْحِيلَةِ نَظَرٌ.

[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ وَقَدْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِالْإِبْرَاءِ ثُمَّ عَادَ فَادَّعَاهُ]

[حِيلَةٌ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِدَيْنٍ كَانَ أَدَّاهُ]

الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ حَقٌّ وَقَدْ أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِالْإِبْرَاءِ ثُمَّ عَادَ فَادَّعَاهُ؛ فَإِنْ قَالَ: " قَدْ أَبْرَأَنِي مِنْهُ " لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: " كَانَ لَهُ عَلَيَّ وَقَضَيْته " وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَكُونُ مُقِرًّا بِهِ مُدَّعِيًا لِلْإِبْرَاءِ؛ فَيُكَلَّفُ الْبَيِّنَةَ؛ فَالْحِيلَةُ عَلَى التَّخَلُّصِ أَنْ يَقُولَ: قَدْ أَبْرَأْتَنِي مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى؛ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا بِالْمُدَّعَى بِهِ؛ فَإِذَا سَأَلَ إحْلَافَ خَصْمِهِ أَنَّهُ لَمْ يُبْرِئْهُ مِنْ الدَّعْوَى مَلَكَ ذَلِكَ؛ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ صَرَفَهُمَا الْحَاكِمُ، وَإِنْ حَلَفَ طُولِبَ بِالْجَوَابِ، وَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّعْوَى فَإِنْ قَالَ: " أَبْرَأْتنِي مِنْ الْحَقِّ " فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ، وَإِنْ قَالَ: " لَا شَيْءَ عِنْدِي " اكْتَفَى مِنْهُ بِهَذَا الْجَوَابِ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>