للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَقْوَالِ، وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ، قَالَ الْقَاضِي: ذَكَرَ أَبُو حَفْصٍ فِي تَعَالِيقِهِ قَالَ: سَمِعْت أَبَا عَلِيٍّ الْحَسَنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ النَّجَّادَ يَقُولُ: سَمِعْت أَبَا الْحُسَيْنِ بْنَ بَشْرَانَ يَقُولُ: مَا أَعِيبُ عَلَى رَجُلٍ يَحْفَظُ عَنْ أَحْمَدَ خَمْسَ مَسَائِلَ اسْتَنَدَ إلَى بَعْضِ سَوَارِي الْمَسْجِدِ يُفْتِي بِهَا.

[شُرُوطُ الْإِفْتَاءِ]

[شَرْطُ الْإِفْتَاءِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ]

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ الْخَطِيبُ فِي كِتَابِ الْفَقِيهِ وَالْمُتَفَقِّهِ لَهُ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُفْتِيَ فِي دِينِ اللَّهِ إلَّا رَجُلًا عَارِفًا بِكِتَابِ اللَّهِ بِنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ، وَمُحْكَمِهِ وَمُتَشَابِهِهِ، وَتَأْوِيلِهِ وَتَنْزِيلِهِ، وَمَكِّيِّهِ وَمَدَنِيِّهِ، وَمَا أُرِيدَ بِهِ، وَيَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ بَصِيرًا بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبِالنَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ، وَيَعْرِفُ مِنْ الْحَدِيثِ مِثْلَ مَا عَرَفَ مِنْ الْقُرْآنِ، وَيَكُونُ بَصِيرًا بِاللُّغَةِ، بَصِيرًا بِالشِّعْرِ وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلسُّنَّةِ وَالْقُرْآنِ، وَيَسْتَعْمِلُ هَذَا مَعَ الْإِنْصَافِ، وَيَكُونُ بَعْدَ هَذَا مُشْرِفًا عَلَى اخْتِلَافِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ، وَتَكُونُ لَهُ قَرِيحَةٌ بَعْدَ هَذَا، فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَلَهُ أَنْ يَتَكَلَّمَ وَيُفْتِيَ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ هَكَذَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ.

وَقَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ: قُلْت لِأَبِي: مَا تَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَسْأَلُ عَنْ الشَّيْءِ فَيُجِيبُ بِمَا فِي الْحَدِيثِ وَلَيْسَ بِعَالِمٍ فِي الْفِقْهِ؟ فَقَالَ: يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ إذَا حَمَلَ نَفْسَهُ عَلَى الْفُتْيَا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالسُّنَنِ، عَالِمًا بِوُجُوهِ الْقُرْآنِ، عَالِمًا بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَةِ، وَذَكَرَ الْكَلَامَ الْمُتَقَدِّمَ.

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ شَقِيقٍ: قِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: مَتَى يُفْتِي الرَّجُلُ؟ قَالَ: إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْأَثَرِ، بَصِيرًا بِالرَّأْيِ.

وَقِيلَ لِيَحْيَى بْنِ أَكْثَمَ: مَتَى يَجِبُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُفْتِيَ؟ فَقَالَ: إذَا كَانَ بَصِيرًا بِالرَّأْيِ بَصِيرًا بِالْأَثَرِ.

قُلْت: يُرِيدَانِ بِالرَّأْيِ الْقِيَاسَ الصَّحِيحَ وَالْمَعَانِيَ وَالْعِلَلَ الصَّحِيحَةَ الَّتِي عَلَّقَ الشَّارِعُ بِهَا الْأَحْكَامَ وَجَعَلَهَا مُؤَثِّرَةً فِيهَا طَرْدًا وَعَكْسًا

[فَصْلٌ الْإِفْتَاءِ فِي دِينِ اللَّهِ بِالرَّأْيِ]

. فَصْلٌ فِي تَحْرِيمِ الْإِفْتَاءِ فِي دِينِ اللَّهِ بِالرَّأْيِ الْمُتَضَمِّنِ لِمُخَالَفَةِ النُّصُوصِ وَالرَّأْيِ الَّذِي لَمْ تَشْهَدْ لَهُ النُّصُوصُ بِالْقَبُولِ.

قَالَ اللَّهُ: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: ٥٠] فَقَسَّمَ الْأَمْرَ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>