للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: كَثْرَةُ حَمْلِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لِلذَّكَرِ، فَتَعُمُّ الْبَلْوَى بِبَوْلِهِ، فَيَشُقُّ عَلَيْهِ غَسْلُهُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ بَوْلَهُ لَا يَنْزِلُ فِي مَكَان وَاحِدٍ، بَلْ يَنْزِلُ مُتَفَرِّقًا هَاهُنَا وَهَاهُنَا، فَيَشُقُّ غَسْلُ مَا أَصَابَهُ كُلَّهُ، بِخِلَافِ بَوْلِ الْأُنْثَى.

الثَّالِثُ: أَنَّ بَوْلَ الْأُنْثَى أَخْبَثُ وَأَنْتَنُ مِنْ بَوْلِ الذَّكَرِ، وَسَبَبُهُ حَرَارَةُ الذَّكَرِ وَرُطُوبَةُ الْأُنْثَى؛ فَالْحَرَارَةُ تُخَفِّفُ مِنْ نَتْنِ الْبَوْلِ وَتُذِيبُ مِنْهَا مَا لَا يَحْصُلُ مَعَ الرُّطُوبَةِ، وَهَذِهِ مَعَانٍ مُؤَثِّرَةٌ يَحْسُنُ اعْتِبَارُهَا فِي الْفَرْقِ

[فَصَلِّ الْفَرْقُ بَيْنَ الصَّلَاةِ الرُّبَاعِيَّةِ وَغَيْرِهَا]

وَأَمَّا نَقْصُهُ الشَّطْرَ مِنْ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ الرُّبَاعِيَّةِ دُونَ الثُّلَاثِيَّةِ وَالثُّنَائِيَّةِ فَفِي غَايَةِ الْمُنَاسَبَةِ؛ فَإِنَّ الرُّبَاعِيَّةِ تَحْتَمِلُ الْحَذْفَ لِطُولِهَا، بِخِلَافِ الثُّنَائِيَّةِ، فَلَوْ حَذَفَ شَطْرَهَا لَأَجْحَفَ بِهَا وَلَزَالَتْ حِكْمَةُ الْوِتْرِ الَّذِي شُرِعَ خَاتِمَةَ الْعَمَلِ، وَأَمَّا الثُّلَاثِيَّةُ فَلَا يُمْكِنُ شَطْرُهَا، وَحَذْفُ ثُلُثَيْهَا مُخِلٌّ بِهَا، وَحَذْفُ ثُلُثِهَا يُخْرِجُهَا عَنْ حِكْمَةِ شَرْعِهَا وِتْرًا، فَإِنَّهَا شُرِعَتْ ثَلَاثًا لِتَكُونَ وِتْرَ النَّهَارِ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الْمَغْرِبُ وِتْرُ النَّهَارِ؛ فَأَوْتِرُوا صَلَاةَ اللَّيْلِ»

[فَصَلِّ إيجَابُ الصَّوْمِ عَلَى الْحَائِضِ دُونَ الصَّلَاةِ]

فَصْلٌ [ (٤) لِمَاذَا وَجَبَ عَلَى الْحَائِضِ قَضَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ]

وَأَمَّا إيجَابُ الصَّوْمِ عَلَى الْحَائِضِ دُونَ الصَّلَاةِ فَمِنْ تَمَامِ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ وَحِكْمَتِهَا وَرِعَايَتِهَا لِمَصَالِحِ الْمُكَلَّفِينَ؛ فَإِنَّ الْحَيْضَ لَمَّا كَانَ مُنَافِيًا لِلْعِبَادَةِ لَمْ يُشْرَعْ فِيهِ فِعْلُهَا، وَكَانَ فِي صَلَاتِهَا أَيَّامَ الطُّهْرِ مَا يُغْنِيهَا عَنْ صَلَاةِ أَيَّامِ الْحَيْضِ، فَيَحْصُلُ لَهَا مَصْلَحَةُ الصَّلَاةِ فِي زَمَنِ الطُّهْرِ؛ لِتَكَرُّرِهَا كُلَّ يَوْمٍ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ، وَهُوَ شَهْرٌ وَاحِدٌ فِي الْعَامِ، فَلَوْ سَقَطَ عَنْهَا فِعْلَهُ بِالْحَيْضِ لَمْ يَكُنْ لَهَا سَبِيلٌ إلَى تَدَارُكِ نَظِيرِهِ، وَفَاتَتْ عَلَيْهَا مَصْلَحَتُهُ، فَوَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تَصُومَ شَهْرًا فِي طُهْرِهَا؛ لِتَحْصُلَ مَصْلَحَةُ الصَّوْمِ الَّتِي هِيَ مِنْ تَمَامِ رَحْمَةِ اللَّهِ بِعَبْدِهِ وَإِحْسَانِهِ إلَيْهِ بِشَرْعِهِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ

[فَصَلِّ حُكْمُ النَّظَرِ إلَى الْحُرَّةِ وَإِلَى الْأَمَةِ]

وَأَمَّا تَحْرِيمُ النَّظَرِ إلَى الْعَجُوزِ الْحُرَّةِ الشَّوْهَاءِ الْقَبِيحَةِ وَإِبَاحَتُهُ إلَى الْأَمَةِ الْبَارِعَةِ الْجَمَالِ فَكَذِبٌ عَلَى الشَّارِعِ، فَأَيْنَ حَرَّمَ اللَّهُ هَذَا وَأَبَاحَ هَذَا؟ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ إنَّمَا قَالَ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: ٣٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>