للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المثال الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ إسْلَامُ ذِمِّيٍّ وَعِنْدَهُ خَمْرٌ]

إسْلَامُ ذِمِّيٍّ وَعِنْدَهُ خَمْرٌ]

الْفَصْلُ الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: إذَا أَرَادَ الذِّمِّيُّ أَنْ يُسْلِمَ وَعِنْدَهُ خَمْرٌ، فَخَافَ إنْ أَسْلَمَ، يَجِبُ عَلَيْهِ إرَاقَتُهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا، فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ آخَرَ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ، ثُمَّ يُسْلِمَ، وَيَتَقَاضَاهُ الثَّمَنَ، وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ كَتَحْرِيمِهَا بِالْكِتَابِ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ حَرَامًا، وَفِي الْحَدِيثِ: «إنَّ اللَّهَ يُعَرِّضُ بِالْخَمْرِ، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ فَلْيَبِعْهُ» .

فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ أَسْلَمَ مَنْ اشْتَرَاهَا وَلَمْ يُؤَدِّ ثَمَنَهَا هَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ؟

قِيلَ: لَا يَسْقُطُ؛ لِثُبُوتِهِ فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي خَمْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا.

قِيلَ: يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ، وَيَرُدُّ إلَيْهِ رَأْسَ مَالِهِ.

فَإِنْ قِيلَ: فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ خَمْرًا ثُمَّ عَزَمَ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَخَافَ أَنْ يُلْزِمَهُ بِثَمَنِهَا، فَهَلْ لَهُ حِيلَةٌ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ ذَلِكَ؟

قِيلَ: الْحِيلَةُ أَنْ لَا يَمْلِكَهَا بِالشِّرَاءِ، بَلْ بِالْقَرْضِ، فَإِذَا اقْتَرَضَهَا مِنْهُ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ رَدُّ بَدَلِ الْقَرْضِ؛ فَإِنَّ مُوجِبَ الْقَرْضِ رَدُّ الْمِثْلِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ بِالْإِسْلَامِ.

[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ الْحِيَلُ فِي الشُّفْعَةِ]

[حِيَلٌ فِي الشُّفْعَةِ]

الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالْخَمْسُونَ: إذَا اشْتَرَى دَارًا أَوْ أَرْضًا وَقَدْ وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَارِهِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْحُدُودُ لَمْ تَقَعْ وَلَمْ تُصْرَفْ الطُّرُقُ بَلْ طَرِيقُهَا وَاحِدَةٌ فَفِيهَا الشُّفْعَةُ، هَذَا أَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِي شُفْعَةِ الْجِوَارِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُ، فَإِنْ خَافَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَرْفَعَهُ الْجَارُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى الشُّفْعَةَ وَإِنْ صُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَهُ التَّحَيُّلُ عَلَى إبْطَالِهَا بِضُرُوبٍ مِنْ الْحِيَلِ؛ أَحَدُهَا: أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ وَيُكَاتِبَهُ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ يُعْطِيَهُ عِوَضَ كُلِّ دِينَارٍ دِرْهَمَيْنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَثَانِيهَا: أَنْ يَهَبَ مِنْهُ الدَّارَ وَالْأَرْضَ ثُمَّ يَهَبَهُ ثَمَنَهَا، وَثَالِثُهَا: أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ إنْ شِئْت بِعْتُكهَا بِمَا اشْتَرَيْتهَا بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَصْبِرُ عَلَيْك بِالثَّمَنِ، فَيُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ، وَرَابِعُهَا: أَنْ يَتَصَادَقَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى شَرْطٍ أَوْ صِفَةٍ تُفْسِدُ الْبَيْعَ كَأَجَلٍ مَجْهُولٍ أَوْ خِيَارٍ مَجْهُولٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ تَلْجِئَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، ثُمَّ يُقِرَّهَا الْبَائِعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَكُونُ لِلشَّفِيعِ سَبِيلٌ عَلَيْهَا، وَخَامِسُهَا: أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ مُدَّةً

<<  <  ج: ص:  >  >>