طَوِيلَةً، فَإِنْ صَحَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قَبْلَ انْقِضَائِهِ، وَإِنْ بَطَلَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ، وَسَادِسُهَا: أَنْ يَهَبَ لَهُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ، وَيَبِيعَهُ الْعُشْرَ الْبَاقِيَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَسَابِعُهَا: أَنْ يُوَكِّلَ الشَّفِيعَ فِي بَيْعِ دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ، فَيَقْبَلَ الْوَكَالَةَ فَيَبِيعَ، أَوْ يُوَكِّلَهُ الْمُشْتَرِي فِي الشِّرَاءِ لَهُ، وَثَامِنُهَا: أَنْ يَزِنَ لَهُ الثَّمَنَ الَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ سِرًّا ثُمَّ يَجْعَلَهُ صُبْرَةً غَيْرَ مَعْلُومَةٍ وَيَبِيعَهُ الدَّارَ بِهَا، وَتَاسِعُهَا: أَنْ يُقِرَّ الْبَائِعُ بِسَهْمٍ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ لِلْمُشْتَرِي فَيَصِيرَ شَرِيكَهُ ثُمَّ يَبِيعَهُ بَاقِيَ الدَّارِ، فَلَا يَجِدَ جَارُهُ إلَيْهَا سَبِيلًا؛ لِأَنَّ حَقَّ الشَّرِيكِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْجَارِ.
وَعَاشِرُهَا: أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِبَيْتٍ مِنْ الدَّارِ، ثُمَّ يَبِيعَهُ بَاقِيَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، فَيَصِيرَ شَرِيكًا، فَلَا شُفْعَةَ لِجَارِهِ، وَحَادِي عَشَرَهَا: أَنْ يَأْمُرَ غَرِيبًا أَوْ مُسَافِرًا بِشِرَائِهَا، فَإِذَا فَعَلَ دَفَعَهَا إلَيْهِ ثُمَّ وَكَّلَهُ بِحِفْظِهَا، ثُمَّ يُشْهِدُ عَلَى الدَّفْعِ إلَيْهِ وَتَوْكِيلِهِ حَتَّى لَا يُخَاصِمَهُ الشَّفِيعُ، وَثَانِي عَشَرَهَا: أَنْ يَجِيءَ الْمُشْتَرِي إلَى الْجَارِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَيَشْتَرِيَ مِنْهُ دَارِهِ وَيُرَغِّبَهُ فِي الثَّمَنِ أَضْعَافَ مَا تُسَاوِي، وَيَشْتَرِطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ يَمْضِي وَيَشْتَرِي تِلْكَ الدَّارَ الَّتِي يُرِيدُ شِرَاءَهَا، فَإِذَا تَمَّ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا فَسَخَ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ، وَلَا يَسْتَحِقُّ جَارُهُ عَلَيْهِ شُفْعَةً؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْبَيْعِ لَمْ يَكُنْ جَارًا، وَإِنَّمَا طَرَأَ لَهُ الْجِوَارُ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَثَالِثُ عَشَرَهَا: أَنْ يُؤَجِّرَ الْمُشْتَرِي لِبَائِعِ الدَّارِ عَبْدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ شَهْرًا بِسَهْمٍ مِنْ الدَّارِ، فَيَصِيرَ شَرِيكَهُ، ثُمَّ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ يَشْتَرِي مِنْهُ بَقِيَّتَهَا؛ فَلَا يَكُونُ لِجَارِهِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ، وَرَابِعُ عَشَرَهَا: أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ أَضْعَافَ مَا تُسَاوِي، فَإِنَّ الْجَارَ لَا يَأْخُذُهَا بِذَلِكَ الثَّمَنِ، فَإِذَا رَغِبَ عَنْهَا صَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ عَلَى مَا يُسَاوِيه حَالًّا مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ.
[رَدُّ شُبْهَةٍ وَارِدَةٍ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ]
فَإِنْ قِيلَ: فَأَنْتُمْ قَدْ بَالَغْتُمْ مِنْ الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ احْتَالَ بِبَعْضِ هَذِهِ الْوُجُوهِ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ، وَذَكَرْتُمْ تِلْكَ الْآثَارَ، فَنَكِيلُ لَكُمْ بِالْكَيْلِ الَّذِي كِلْتُمْ بِهِ لَنَا.
قُلْنَا: لَا سَوَاءٌ نَحْنُ وَأَنْتُمْ فِي ذَلِكَ؛ فَإِنَّا ذَكَرْنَا هَذِهِ الْوُجُوهَ تَحَيُّلًا عَلَى [إبْطَالِ] مَا أَبْطَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: «فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» فَلَمَّا أَبْطَلَ الشُّفْعَةَ تَحَيَّلْنَا عَلَى تَنْفِيذِ حُكْمِهِ وَأَمْرِهِ بِكُلِّ طَرِيقٍ؛ فَكُنَّا فِي هَذِهِ الْحِيَلِ مُنَفِّذِينَ لِأَمْرِهِ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَأَبْطَلْتُمْ بِهَا مَا أَثْبَتَهُ بِحُكْمِهِ وَقَضَائِهِ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِذَا حَرَّمَ عَلَيْهِ الْبَيْعَ قَبْلَ اسْتِئْذَانِهِ فَمَا الظَّنُّ بِالتَّحَيُّلِ عَلَى إسْقَاطِ شُفْعَتِهِ؟ فَتَوَصَّلْتُمْ أَنْتُمْ بِهَذِهِ الْحِيَلِ إلَى إسْقَاطِ مَا أَثْبَتَهُ، وَتَوَصَّلْنَا نَحْنُ بِهَا إلَى إسْقَاطِ مَا أَسْقَطَهُ وَأَبْطَلَهُ، فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالصَّوَابِ، وَأَتْبَعُ لِمَقْصُودِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute