للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُنْكَحَ بِدُونِ اسْتِئْذَانِهَا، وَأَمَرَ بِذَلِكَ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ هُوَ شَرْعُهُ وَحُكْمُهُ، فَاتَّفَقَ عَلَى ذَلِكَ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ وَخَبَرُهُ، وَهُوَ مَحْضُ الْقِيَاسِ وَالْمِيزَانِ.

فَصْلٌ

وَقَالَتْ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ: لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَقَاثِي وَالْمَبَاطِخِ وَالْبَاذِنْجَانِ إلَّا لَقْطَةً، وَلَمْ يَجْعَلُوا الْمَعْدُومَ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ مَعَ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، وَجَعَلُوا الْمَعْدُومَ مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ الْمَوْجُودِ فِي مَنَافِعِ الْإِجَارَةِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ.

وَهَذَا مِثْلُهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ كَمَا تُسْتَخْلَفُ الْمَنَافِعُ، وَمَا يَقْدِرُ مِنْ عُرُوضِ الْخَطَرِ لَهُ فَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنَافِعِ، وَقَدْ جَوَّزُوا بَيْعَ الثَّمَرَةِ إذَا بَدَا الصَّلَاحُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ بَقِيَّةَ الْأَجْزَاءِ مَعْدُومَةٌ فَجَازَ بَيْعُهَا تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ، فَإِنْ فَرَّقُوا بِأَنَّ هَذِهِ أَجْزَاءٌ مُتَّصِلَةٌ وَتِلْكَ أَعْيَانٌ مُنْفَصِلَةٌ، فَهُوَ فَرْقٌ فَاسِدٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدِهِمَا: أَنَّ هَذَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ أَلْبَتَّةَ.

الثَّانِي: أَنَّ مِنْ الثَّمَرَةِ الَّتِي بَدَا صَلَاحُهَا مَا يُخْرِجُ أَثْمَارًا مُتَعَدِّدَةً كَالتُّوتِ وَالتِّينِ فَهُوَ كَالْبِطِّيخِ وَالْبَاذِنْجَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَالتَّفْرِيقُ خُرُوجٌ عَنْ الْقِيَاسِ وَالْمَصْلَحَةِ وَإِلْزَامٌ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ إلَّا بِأَعْظَمِ كُلْفَةٍ وَمَشَقَّةٍ، وَفِيهِ مَفْسَدَةٌ عَظِيمَةٌ يَرُدُّهَا الْقِيَاسُ فَإِنَّ اللَّقْطَةَ لَا ضَابِطَ لَهَا، فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي الْمَقْثَأَةِ الْكِبَارُ وَالصِّغَارُ وَبَيْنَ ذَلِكَ، فَالْمُشْتَرِي يُرِيدُ اسْتِقْصَاءَهَا، وَالْبَائِعُ يَمْنَعُهُ مِنْ أَخْذِ الصِّغَارِ، فَيَقَعُ بَيْنَهُمَا مِنْ التَّنَازُعِ وَالِاخْتِلَافِ وَالتَّشَاحُنِ مَا لَا تَأْتِي بِهِ شَرِيعَةٌ، فَأَيْنَ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي هِيَ مَنْشَأُ النِّزَاعِ الَّتِي مِنْ تَأَمُّلِ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ عُلِمَ قَصْدُ الشَّارِعِ لِإِبْطَالِهَا وَإِعْدَامِهَا إلَى الْمَفْسَدَةِ الْيَسِيرَةِ الَّتِي فِي جَعْلِ مَا لَمْ يُوجَدْ تَبَعًا لِمَا وُجِدَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ؟ وَقَدْ اعْتَبَرَهَا الشَّارِعُ، وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَعْدُومِ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ، وَالْغَرَرُ شَيْءٌ وَهَذَا شَيْءٌ، وَلَا يُسَمَّى هَذَا الْبَيْعُ غَرَرًا لَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا وَلَا شَرْعًا.

[فَصْلٌ مِنْ تَنَاقُضِ الْقِيَاسِيِّينَ مُرَاعَاةُ بَعْضِ الشُّرُوطِ دُونَ بَعْضِهَا الْآخَرِ]

ِ] : وَقَالَتْ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: إذَا شَرَطَتْ الزَّوْجَةُ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا الزَّوْجُ مِنْ بَلَدِهَا أَوْ دَارِهَا أَوْ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا وَلَا يَتَسَرَّى فَهُوَ شَرْطٌ بَاطِلٌ، فَتَرَكُوا مَحْضَ الْقِيَاسِ، بَلْ قِيَاسَ الْأَوْلَى، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: لَوْ شَرَطَتْ فِي الْمَهْرِ تَأْجِيلًا أَوْ غَيْرَ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ زِيَادَةً عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لَزِمَ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ، فَأَيْنَ الْمَقْصُودُ الَّذِي لَهَا فِي الشَّرْطِ الْأَوَّلِ إلَى الْمَقْصُودِ الَّذِي فِي هَذَا الشَّرْطِ؟ وَأَيْنَ فَوَاتُهُ إلَى فَوَاتِهِ؟ وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ مِنْهُمْ: لَوْ شَرَطَ أَنْ تَكُونَ جَمِيلَةً شَابَّةً سَوِيَّةً فَبَانَتْ عَجُوزًا شَمْطَاءَ قَبِيحَةَ الْمَنْظَرِ أَنَّهُ لَا فَسْخَ لِأَحَدِهِمَا بِفَوَاتِ شَرْطِهِ، حَتَّى إذَا فَاتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>