للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ مِنْ حَقِّهِ، قَالُوا: لِأَنَّ الرَّهْنَ إنْ كَانَ قَدْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ سَقَطَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّطَ فِيهِ صَارَتْ قِيمَتُهُ دَيْنًا عَلَيْهِ، فَيَكُونُ قِصَاصًا بِالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ.

وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَصْلَيْنِ لَهُمْ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ قَدْرِ الدَّيْنِ، وَالثَّانِي: جَوَازُ الِاسْتِيفَاءِ فِي مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ.

[الْمِثَالُ الثَّانِيَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ حِيلَةٌ فِي إبْرَارِ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ]

[حِيلَةٌ فِي إبْرَارِ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ]

الْمِثَالُ الثَّانِيَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ: إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ " إنْ لَمْ أَطَأَكِ اللَّيْلَةَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا " فَقَالَتْ " إنْ وَطِئَتْنِي اللَّيْلَةَ فَأَمَتِي حُرَّةٌ " فَالْمُخَلِّصُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَبِيعَهُ الْجَارِيَةَ فَإِذَا وَطِئَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تُعْتَقْ؟ ؛ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهَا ثُمَّ تَسْتَرِدَّهَا.

فَإِنْ خَافَتْ أَنْ يَطَأَ الْجَارِيَةَ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يَرَى عَلَى الرَّجُلِ اسْتِبْرَاءَ الْأَمَةِ الَّتِي يَشْتَرِيهَا مِنْ امْرَأَتِهِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ.

فَالْحِيلَةُ أَنْ تَشْتَرِيَهَا مِنْهُ عَقِيبَ الْوَطْءِ فَإِنْ خَافَتْ أَنْ لَا يَرُدَّ إلَيْهَا الْجَارِيَةَ وَيُقِيمَ عَلَى مِلْكِهَا فَلَا تَصِلُ إلَيْهَا، فَالْحِيلَةُ لَهَا أَنْ تَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرُدَّ الْجَارِيَةَ إلَيْهَا عَقِيبَ الْوَطْءِ فَهِيَ حُرَّةٌ.

فَإِنْ خَافَتْ أَنْ يُمَلِّكَهَا لِغَيْرِهِ تَلْجِئَةً فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ عِتْقِهَا، فَالْحِيلَةُ لَهَا أَنْ تَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرُدَّهَا إلَيْهَا عَقِيبَ الْوَطْءِ فَهِيَ طَالِقٌ، فَهُنَا تَضِيقُ عَلَيْهِ الْحِيلَةُ فِي اسْتِدَامَةِ مِلْكِهَا، وَلَمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ مُفَارَقَةِ إحْدَاهُمَا.

[الْمِثَالُ الثَّالِثَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ حِيلَةٌ فِي الْمُخَالَفَةِ عَلَى نَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا قَبْلَ وُجُوبِهِمَا]

[حِيلَةٌ فِي الْمُخَالَفَةِ عَلَى نَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا قَبْلَ وُجُوبِهِمَا]

الْمِثَالُ الثَّالِثَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ: إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُخَالِعَ امْرَأَتَهُ الْحَامِلَ عَلَى سُكْنَاهَا وَنَفَقَتِهَا جَازَ ذَلِكَ، وَبَرِئَ مِنْهُمَا، هَذَا مَنْصُوصُ أَحْمَدَ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَصِحُّ الْخُلْعُ، وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ النَّفَقَةَ لَمْ تَجِبْ بَعْدُ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بَعْدَ الْإِبَانَةِ، وَقَدْ خَالَعَهَا بِمَعْدُومٍ، فَلَا يَصِحُّ، كَمَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى عِوَضِ شَيْءٍ يُتْلِفُهُ عَلَيْهَا، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: إذَا خَالَعَهَا عَلَى أَنْ لَا سُكْنَى لَهَا، وَلَا نَفَقَةَ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَتَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ السُّكْنَى، قَالُوا: لِأَنَّ النَّفَقَةَ حَقٌّ لَهَا، وَقَدْ أَسْقَطَتْهُ، وَالسُّكْنَى حَقُّ الشَّارِعِ فَلَا تَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهَا، فَيَلْزَمُ إسْكَانُهَا.

قَالُوا: فَالْحِيلَةُ عَلَى سُقُوطِ الْأُجْرَةِ عَنْهُ أَنْ يَشْتَرِطَ الزَّوْجُ فِي الْخُلْعِ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ السُّكْنَى، وَأَنَّ مُؤْنَتَهَا تَلْزَمُ الْمَرْأَةَ فِي مَالِهَا، وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمَسْكَنِ عَلَيْهَا.

فَإِنْ قِيلَ: لَوْ أَبْرَأَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَنْ النَّفَقَةِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ لَمْ تَصِحَّ، وَلَوْ شَرَطَ فِي عَقْدِ الْخُلْعِ بَرَاءَةَ الزَّوْجِ عَنْ النَّفَقَةِ صَحَّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>