للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ مِنْ تَعْلِيلِ الْأَحْكَامِ]

وَقَدْ ذَكَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِلَلَ الْأَحْكَامِ وَالْأَوْصَافِ الْمُؤَثِّرَةِ فِيهَا؛ لِيَدُلّ عَلَى ارْتِبَاطِهَا بِهَا، وَتَعْدِيهَا بِتَعَدِّي أَوْصَافَهَا وَعِلَلِهَا، كَقَوْلِهِ فِي نَبِيذِ التَّمْرِ: «، تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ» ، وَقَوْلِهِ: «إنَّمَا جُعِلَ الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ» ، وَقَوْلِهِ: «إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ» ، وَقَوْلِهِ فِي الْهِرَّةِ: «لَيْسَتْ بِنَجَسٍ إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» ، وَنَهْيِهِ عَنْ تَغْطِيَةِ رَأْسِ الْمُحْرِمِ الَّذِي وَقَصَتْهُ نَاقَتُهُ وَتَقْرِيبِهِ الطِّيبَ وَقَوْلِهِ: «فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» وَقَوْلِهِ: «، إنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَطَعْتُمْ أَرْحَامَكُمْ» ، ذَكَرَهُ تَعْلِيلًا لِنَهْيِهِ عَنْ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ عَلَى عَمَّتِهَا وَخَالَتِهَا، - وقَوْله تَعَالَى -: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ} [البقرة: ٢٢٢] وَقَوْلِهِ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: ٩١] ، «وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ: أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا جَفَّ؟ قَالُوا نَعَمْ، فَنَهَى عَنْهُ.» وَقَوْلِهِ: «لَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ الثَّالِثِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ» وَقَوْلِهِ: «، إذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إنَاءِ أَحَدِكُمْ فَامْقُلُوهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً وَفِي الْآخَرِ دَوَاءً، وَإِنَّهُ يَتَّقِي بِالْجَنَاحِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ» ، وَقَوْلِهِ: «إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ فَإِنَّهَا رِجْسٌ» .

وَقَالَ وَقَدْ «سُئِلَ عَنْ مَسِّ الذَّكَرِ هَلْ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ فَقَالَ: هَلْ هُوَ إلَّا بِضْعَةٌ مِنْكَ» ، وَقَوْلِهِ فِي «ابْنَةِ حَمْزَةَ: إنَّهَا لَا تَحِلُّ لِي؛ إنَّهَا ابْنَةُ أَخِي مِنْ الرَّضَاعَةِ» ، وَقَوْلِهِ فِي الصَّدَقَةِ: «إنَّهَا لَا تَحِلُّ لِآلِ مُحَمَّدٍ، إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ» .

وَقَدْ قَرَّبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْأَحْكَامَ إلَى أُمَّتِهِ بِذِكْرِ نَظَائِرِهَا وَأَسْبَابِهَا، وَضَرَبَ لَهَا الْأَمْثَالَ، «فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: صَنَعْتُ الْيَوْمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمْرًا عَظِيمًا، قَبَّلْتُ وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِمَاءٍ وَأَنْتَ صَائِمٌ؟ فَقُلْتُ: لَا بَأْسَ بِذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَصُمْ» وَلَوْلَا أَنَّ حُكْمَ الْمِثْلِ حُكْمُ مِثْلِهِ وَأَنَّ الْمَعَانِيَ وَالْعِلَلَ مُؤَثِّرَةٌ فِي الْأَحْكَامِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِ هَذَا التَّشْبِيهِ مَعْنًى، فَذَكَرَهُ لِيَدُلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ النَّظِيرِ حُكْمُ مِثْلِهِ، وَأَنَّ نِسْبَةَ الْقُبْلَةِ الَّتِي هِيَ وَسِيلَةٌ إلَى الْوَطْءِ كَنِسْبَةِ وَضْعِ الْمَاءِ فِي الْفَمِ الَّذِي هُوَ وَسِيلَةٌ إلَى شُرْبِهِ، فَكَمَا أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَضُرُّ فَكَذَلِكَ الْآخَرُ، «وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلرَّجُلِ الَّذِي سَأَلَهُ فَقَالَ: إنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ رُكُوبَ الرَّحْلِ وَالْحَجُّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: أَنْتَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ عَنْهُ أَكَانَ يُجْزِئُ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَحُجَّ عَنْهُ» ، فَقَرَّبَ الْحُكْمَ مِنْ الْحُكْمِ، وَجَعَلَ دَيْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>