[رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ فِي الْقَضَاءِ بِالْقَافَةِ]
الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ فِي الْقَضَاءِ بِالْقَافَةِ وَقَالُوا: هُوَ خِلَافُ الْأُصُولِ، ثُمَّ قَالُوا: لَوْ ادَّعَاهُ اثْنَانِ أَلْحَقْنَاهُ بِهِمَا، وَكَانَ هَذَا مُقْتَضَى الْأُصُولِ.
وَنَظِيرُ هَذَا الْمِثَالِ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: رَدُّ السُّنَّةِ الْمُحْكَمَةِ الثَّابِتَةِ فِي جَعْلِ الْأَمَةِ فِرَاشًا وَإِلْحَاقُ الْوَلَدِ بِالسَّيِّدِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ، وَقَالُوا: هُوَ خِلَافُ الْأُصُولِ، وَالْأَمَةُ لَا تَكُونُ فِرَاشًا، ثُمَّ قَالُوا: لَوْ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ بِأَقْصَى بُقْعَةٍ مِنْ الْمَشْرِقِ وَهِيَ بِأَقْصَى بُقْعَةٍ مِنْ الْمَغْرِبِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لَحِقَهُ، وَإِنْ عَلِمْنَا بِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَلَاقَيَا قَطُّ، وَهِيَ فِرَاشٌ بِالْعَقْدِ، فَأَمَتُهُ الَّتِي يَطَؤُهَا لَيْلًا وَنَهَارًا لَيْسَتْ بِفِرَاشٍ، وَهَذِهِ فِرَاشٌ، وَهَذَا مُقْتَضَى الْأُصُولِ، وَحُكْمُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خِلَافُ الْأُصُولِ عَلَى لَازِمِ قَوْلِهِمْ، وَنَظِيرُ هَذَا قِيَاسُ الْحَدَثِ عَلَى السَّلَامِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَدَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ مُوجِبُ الْأُصُولِ، مَعَ بُعْدِ مَا بَيْنَ الْحَدَثِ وَالسَّلَامِ، وَتَرْكُ قِيَاسِ نَبِيذِ التَّمْرِ الْمُسْكِرِ عَلَى عَصِيرِ الْعِنَبِ الْمُسْكِرِ فِي تَحْرِيمِ قَلِيلِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ شِدَّةِ الْأُخُوَّةِ بَيْنَهُمَا، وَدَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْأُصُولِ.
وَنَظِيرُهُ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ مَنَعَ دِينَارًا وَاحِدًا مِنْ الْجِزْيَةِ انْتَقَضَ عَهْدُهُ، وَحَلَّ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَلَوْ حَرَقَ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ وَمَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَاهَرَ بِسَبِّ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَقْبَحَ سَبٍّ عَلَى رُءُوسِ الْمُسْلِمِينَ فَعَهْدُهُ بَاقٍ وَدَمُهُ مَعْصُومٌ، وَعَدَمُ النَّقْضِ بِذَلِكَ مُقْتَضَى الْأُصُولِ، وَالنَّقْضُ بِمَنْعِ الدِّينَارِ مُقْتَضَى الْأُصُولِ.
وَنَظِيرُهُ أَيْضًا إبَاحَةُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَأَنَّهُ مُقْتَضَى الْأُصُولِ، وَمَنْعُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى، وَهُوَ خِلَافُ الْأُصُولِ.
وَنَظِيرُهُ إسْقَاطُ الْحَدِّ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِيَزْنِيَ بِهَا أَوْ تَغْسِلَ ثِيَابَهُ فَزَنَى بِهَا، وَأَنَّ هَذَا مُقْتَضَى الْأُصُولِ، وَإِيجَابُ الْحَدِّ عَلَى الْأَعْمَى إذَا وَجَدَ عَلَى فِرَاشِهِ امْرَأَةً فَظَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَبَانَتْ أَجْنَبِيَّةً.
وَنَظِيرُهُ أَيْضًا مَنْعُ الْمُصَلِّي مِنْ الصَّلَاةِ بِالْوُضُوءِ مِنْ مَاءٍ يَبْلُغُ قَنَاطِيرَ مُقَنْطَرَةٍ وَقَعَتْ فِيهِ قَطْرَةُ دَمٍ أَوْ بَوْلٍ، وَإِبَاحَتُهُمْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبٍ رُبُعُهُ مُتَلَطِّخٌ بِالْبَوْلِ، وَإِنْ كَانَ عُذْرَةً فَقَدْرُ رَاحَةِ الْكَفِّ.
وَنَظِيرُهُ دَعْوَاهُمْ أَنَّ الْإِيمَانَ وَاحِدٌ، وَالنَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَهُوَ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ، وَلَيْسَتْ الْأَعْمَالُ دَاخِلَةً فِي مَاهِيَّتِهِ، وَأَنَّ مِنْ مَاتَ وَلَمْ يُصَلِّ صَلَاةً قَطُّ فِي عُمْرِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ وَصِحَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute