للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِسْمِهِ وَفَرَاغِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَتَكْفِيرُهُمْ مَنْ يَقُولُ مُسَيْجِدٌ أَوْ فُقَيِّهٌ بِالتَّصْغِيرِ أَوْ يَقُولُ لِلْخَمْرِ أَوْ لِلسَّمَاعِ الْمُحَرَّمِ: مَا أَطْيَبَهُ وَأَلَذَّهُ.

وَنَظِيرُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا فَقَالَ: " صَدَقُوا " سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ بِتَصْدِيقِهِمْ، وَلَوْ قَالَ: " كَذَبُوا عَلَيَّ " حُدَّ.

وَنَظِيرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِئْجَارُ دَارٍ تُجْعَلُ مَسْجِدًا يُصَلِّي فِيهِ الْمُسْلِمُونَ، وَتَصِحُّ إجَارَتُهَا كَنِيسَةً يُعْبَدُ فِيهَا الصَّلِيبُ وَالنَّارُ.

وَنَظِيرُهُ أَنَّهُ لَوْ قَهْقَهَ فِي صَلَاتِهِ بَطَلَ وُضُوءُهُ، وَلَوْ غَنَّى فِي صَلَاتِهِ أَوْ قَذَفَ الْمُحْصَنَاتِ أَوْ شَهِدَ بِالزُّورِ فَوُضُوءُهُ بِحَالِهِ.

وَنَظِيرُهُ أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ فَأْرَةٌ تَنَجَّسَتْ الْبِئْرُ؛ فَإِذَا نُزِعَ مِنْهَا دَلْوٌ فَالدَّلْوُ وَالْمَاءُ نَجِسَانِ، ثُمَّ هَكَذَا إلَى تَمَامِ كَذَا وَكَذَا دَلْوًا، فَإِذَا نُزِعَ الدَّلْوُ الَّذِي قَبْلَ الْأَخِيرِ فَرَشْرَشَ عَلَى حِيطَانِ الْبِئْرِ نَجَّسَهَا كُلَّهَا، فَإِذَا جَاءَتْ النَّوْبَةُ إلَى الدَّلْوِ الْأَخِيرِ قَشْقَشَ النَّجَاسَةَ كُلَّهَا مِنْ الْبِئْرِ وَحِيطَانِهَا وَطِينِهَا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ نَجِسَةً.

وَنَظِيرُهُ إنْكَارُ كَوْنِ الْقُرْعَةِ الَّتِي ثَبَتَ فِيهَا سِتَّةُ أَحَادِيثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهَا آيَتَانِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ طَرِيقًا لِلْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِثْبَاتُ حِلِّ الْوَطْءِ بِشَهَادَةِ الزُّورِ الَّتِي يَعْلَمُ الْمَقْدُوحُ أَنَّهَا شَهَادَةُ زُورٍ، وَبِهَا فَرَّقَ الشَّاهِدَانِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ.

وَنَظِيرُ هَذَا إيجَابُ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى السَّيِّدِ إذَا مَلَكَ امْرَأَةً بِكْرًا لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، مَعَ الْقَطْعِ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا، وَإِسْقَاطُهُ عَمَّنْ أَرَادَ وَطْءَ الْأَمَةِ الَّتِي وَطِئَهَا سَيِّدُهَا الْبَارِحَةَ ثُمَّ اشْتَرَاهَا هُوَ فَمَلَكَهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ وَكَّلَهُ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْهُ، فَقَالُوا: يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا، وَلَيْسَ بَيْنَ وَطْءِ بَائِعِهَا وَوَطِئَهُ هُوَ إلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ.

وَنَظِيرُ هَذَا فِي التَّنَاقُضِ إبَاحَةُ نِكَاحِ الْمَخْلُوقَةِ مِنْ مَاءِ الزَّانِي مَعَ كَوْنِهَا بَعْضَهُ، مَعَ تَحْرِيمِ الْمِرْضَعَةِ مِنْ لَبَنِ امْرَأَتِهِ لِكَوْنِ اللَّبَنِ ثَابَ بِوَطْئِهِ فَقَدْ صَارَ فِيهِ جُزْءٌ مِنْهُ. فَيَا لِلَّهِ الْعَجَبُ، كَيْفَ انْتَهَضَ هَذَا الْجُزْءُ الْيَسِيرُ سَبَبًا لِلتَّحْرِيمِ ثُمَّ يُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا وَهِيَ جُزْؤُهُ الْحَقِيقِيُّ وَسُلَالَتُهُ؟ وَأَيْنَ تَشْنِيعُكُمْ وَإِنْكَارُكُمْ لِاسْتِمْنَاءِ الرَّجُلِ بِيَدِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ خَوْفًا مِنْ الْعَنَتِ ثُمَّ تُجَوِّزُونَ لَهُ وَطْءَ بِنْتِهِ الْمَخْلُوقَةِ مِنْ مَائِهِ حَقِيقَةً.

وَنَظِيرُ هَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى ذِمِّيٍّ حَقًّا وَأَقَامَ بِهِ شَاهِدَيْنِ عَبْدَيْنِ عَالِمَيْنِ صَالِحَيْنِ مَقْبُولَةً شَهَادَتُهُمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ، فَإِنْ أَقَامَ بِهِ شَاهِدَيْنِ كَافِرَيْنِ حُرَّيْنِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِمَا مِنْ أَكْذِبْ الْخَلْقِ عَلَى اللَّهِ وَأَنْبِيَائِهِ وَدِينِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>