للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَظِيرُ هَذَا لَوْ تَدَاعَيَا حَائِطًا لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ خَشَبَتَانِ، وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ ثَلَاثُ خَشَبَاتٍ وَلَا بَيِّنَةَ فَهُوَ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْخَشَبَاتِ الثَّلَاثِ؛ فَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثُ خَشَبَاتٍ وَلِلْآخَرِ مَائِهُ خَشَبَةٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.

وَنَظِيرُ هَذَا لَوْ اغْتَصَبَ نَصْرَانِيٌّ رَجُلًا عَلَى ابْنَتِهِ أَوْ امْرَأَتِهِ أَوْ حُرْمَتِهِ وَزَنَى بِهَا ثُمَّ شَدَخَ رَأْسَهَا بِحَجَرٍ أَوْ رَمَى بِهَا مِنْ أَعْلَى شَاهِقٍ حَتَّى مَاتَتْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا قِصَاصَ؛ فَلَوْ قَتَلَهُ الْمُسْلِمُ صَاحِبُ الْحُرْمَةِ بِقَصَبَةٍ مُحَدِّدَةٍ قُتِلَ بِهِ.

وَنَظِيرُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى قَتْلِ أَلْفِ مُسْلِمٍ أَوْ أَكْثَرَ بِسِجْنِ شَهْرٍ وَأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فَقَتَلَهُمْ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَلَا دِيَةَ، حَتَّى إذَا أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى عِتْقِ أَمَتِهِ أَوْ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ لَزِمَهُ حُكْمُ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ، وَلَمْ يَكُنْ الْإِكْرَاهُ مَانِعًا مِنْ نُفُوذِ حُكْمِنَا عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَبَاحَ التَّكَلُّمَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ مَعَ الْإِكْرَاهِ، وَلَمْ يُبَحْ قَتْلَ الْمُسْلِمِ بِالْإِكْرَاهِ أَبَدًا.

وَنَظِيرُ هَذَا إبْطَالُ الصَّلَاةِ بِتَسْبِيحِ مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ، وَقَدْ أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَتَصْحِيحُ صَلَاةِ مَنْ رَكَعَ ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقِيمَ صُلْبَهُ، وَقَدْ أَبْطَلَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: «لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَا صُلْبَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ» وَدَعْوَى أَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى الْأُصُولِ.

وَنَظِيرُهُ أَيْضًا إبْطَالُ الصَّلَاةِ بِالْإِشَارَةِ لِرَدِّ السَّلَامِ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي صَلَاتِهِ بِرَدِّ السَّلَامِ، وَأَشَارَ الصَّحَابَةُ بِرُءُوسِهِمْ تَارَةً وَبِأَكُفِّهِمْ تَارَةً، وَتَصْحِيحُهَا مَعَ تَرْكِ الطُّمَأْنِينَةِ وَقَدْ أَمَرَ بِهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَفَى الصَّلَاةَ بِدُونِهَا، وَأَخْبَرَ أَنَّ صَلَاةَ النَّقْرِ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، وَأَخْبَرَ حُذَيْفَةُ أَنَّ مَنْ صَلَّى كَذَلِكَ لَقِيَ اللَّهَ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ مَنْ لَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ أَسْوَأُ النَّاسِ سَرِقَةً، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ سُرَّاقِ الْأَمْوَالِ.

وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُمْ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا مُسْلِمًا طَاهِرَ الْبَدَنِ عَلَيْهِ جَنَابَةٌ غَمَسَ يَدَهُ فِي بِئْرٍ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ صَارَتْ الْبِئْرُ كُلُّهَا نَجِسَةً، يَحْرُمُ شُرْبُ مَائِهَا وَالْوُضُوءُ مِنْهُ وَالطَّبْخُ بِهِ؛ فَلَوْ اغْتَسَلَ فِيهَا مِائَةُ نَصْرَانِيٍّ قُلْفٍ عَابِدُو الصَّلِيبِ أَوْ مَائِهُ يَهُودِيٍّ فَمَاؤُهَا بَاقٍ عَلَى حَالِهِ طَاهِرٌ مُطَهِّرٌ يَجُوزُ الْوُضُوءُ مِنْهُ وَشُرْبُهُ وَالطَّبْخُ بِهِ.

وَنَظِيرُهُ لَوْ مَاتَتْ فَأْرَةٌ فِي مَاءٍ فَصُبَّ ذَلِكَ الْمَاءُ فِي بِئْرِ لَمْ يُنْزَحْ مِنْهَا إلَّا عِشْرُونَ دَلْوًا فَقَطْ، وَتَطْهُرُ بِذَلِكَ، وَلَوْ تَوَضَّأَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ طَاهِرُ الْأَعْضَاءِ بِمَاءٍ فَسَقَطَ ذَلِكَ الْمَاءُ فِي الْبِئْرِ فَلَا بُدَّ أَنْ تُنْزَحَ كُلُّهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>