بِلَيْلٍ هُوَ بِلَالٌ، وَهُوَ الصَّوَابُ بِلَا شَكٍّ، فَإِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِالْفَجْرِ؛ فَكَانَ إذَا قِيلَ لَهُ: " طَلَعَ الْفَجْرُ " أَذَّنَ، وَأَمَّا مَا ادَّعَاهُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ الْأَذَانَ نُوَبًا بَيْنَ بِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي نَوْبَتِهِ يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّاسَ أَنْ يَأْكُلُوا وَيَشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ الْآخَرُ؛ فَهَذَا كَلَامٌ بَاطِلٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَمْ يَجِئْ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ قَطُّ، لَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا ضَعِيفٍ وَلَا مُرْسَلٍ وَلَا مُتَّصِلٍ، وَلَكِنَّ هَذِهِ طَرِيقَةُ مَنْ يَجْعَلُ غَلَطَ الرُّوَاةِ شَرِيعَةً وَيَحْمِلُهَا عَلَى السُّنَّةِ، وَخَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَسَمُرَةَ الَّذِي لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِمْ فِيهِ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ]
[الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ]
الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالْأَرْبَعُونَ: رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ، مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ، فَصَفَّهُمْ وَتَقَدَّمَ فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا» وَفِيهِمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: «أَنَّهُ صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ سَوْدَاءَ كَانَتْ تَقُمُّ الْمَسْجِدَ» وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيث أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلَّى عَلَى قَبْرِ امْرَأَةٍ بَعْدَمَا دُفِنَتْ» وَفِي سُنَنِ الْبَيْهَقِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَ شَهْرٍ» وَفِيهِمَا عَنْهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى مَيِّتٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ» وَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى عَلَى أُمِّ سَعْدٍ بَعْدَ شَهْرٍ» فَرُدَّتْ هَذِهِ السُّنَنُ الْمُحْكَمَةُ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ: «لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَاَلَّذِي قَالَهُ هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي صَلَّى عَلَى الْقَبْرِ؛ فَهَذَا قَوْلُهُ وَهَذَا فِعْلُهُ، وَلَا يُنَاقِضُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا إلَى الْقَبْرِ غَيْرُ الصَّلَاةِ الَّتِي عَلَى الْقَبْرِ؛ فَهَذِهِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَلَى الْمَيِّتِ الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِمَكَانٍ، بَلْ فِعْلُهَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهَا فِيهِ؛ فَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ عَلَى قَبْرِهِ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى نَعْشِهِ فَإِنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالصَّلَاةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ عَلَى النَّعْشِ وَعَلَى الْأَرْضِ وَبَيْنَ كَوْنِهِ فِي بَطْنِهَا، بِخِلَافِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ؛ فَإِنَّهَا لَمْ تُشْرَعْ فِي الْقُبُورِ وَلَا إلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا ذَرِيعَةٌ إلَى اتِّخَاذِهَا مَسَاجِدَ، وَقَدْ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَأَيْنَ مَا لَعَنَ فَاعِلَهُ وَحَذَّرَ مِنْهُ وَأَخْبَرَ أَنَّ أَهْلَهُ شِرَارُ الْخَلْقِ كَمَا قَالَ: «إنَّ مِنْ شِرَارِ الْخَلْقِ مَنْ تُدْرِكُهُمْ السَّاعَةُ وَهُمْ أَحْيَاءٌ، وَاَلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ» إلَى مَا فَعَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِرَارًا مُتَكَرِّرًا؟ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ
[رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ فِي الْجُلُوسِ عَلَى فِرَاشِ الْحَرِيرِ]
[الْجُلُوسُ عَلَى فِرَاشِ الْحَرِيرِ] . الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالْأَرْبَعُونَ: رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ الْمُحْكَمَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute