للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ يُقَالَ لَهُ، وَقَوْلُهَا: " أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا " لَيْسَ مِنْ الْقَوْلِ الَّذِي يَصِحُّ أَنْ يُوَاجَهَ بِهِ؛ فَهُوَ لَغْوٌ مَحْضٌ وَبَاطِلٌ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهَا " أَنْتِ امْرَأَتِي " وَبِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا: " أَنْتِ أَمَتِي وَجَارِيَتِي " وَنَحْوِ هَذَا مِنْ الْكَلَامِ اللَّغْوِ الَّذِي لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ لَفْظِ الْحَالِفِ وَلَا إرَادَتِهِ، أَمَّا عَدَمُ دُخُولِهِ تَحْتَ إرَادَتِهِ فَلَا إشْكَالَ فِيهِ، وَأَمَّا عَدَمُ تَنَاوُلِ لَفْظِهِ لَهُ؛ فَإِنَّ اللَّفْظَ الْعَامَّ إنَّمَا يَكُونُ عَامًّا فِيمَا يَصْلُحُ لَهُ وَفِيمَا سِيقَ لِأَجْلِهِ.

وَهَذَا أَقْوَى مِنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ، وَغَايَتُهُ تَخْصِيصُ الْعَامِّ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، وَهَذَا أَقْرَبُ لُغَةً وَعُرْفًا وَعَقْلًا وَشَرْعًا مِنْ جَعْلِ مَا تَقَدَّمَ مُطَابِقًا وَمُمَاثِلًا لِكَلَامِهَا مِثْلَهُ، فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

[الْمِثَالُ الرَّابِعَ عَشَرَ الْإِحْرَامُ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ]

[الْإِحْرَامُ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ]

الْمِثَالُ الرَّابِعَ عَشَرَ: إذَا خَافَ الرَّجُلُ لِضِيقِ الْوَقْتِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فَيَفُوتَهُ فَيَلْزَمَهُ الْقَضَاءُ وَدَمُ الْفَوَاتِ؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يُحْرِمَ إحْرَامًا مُطْلَقًا وَلَا يُعَيِّنَهُ؛ فَإِنْ اتَّسَعَ لَهُ الْوَقْتُ جَعَلَهُ حَجًّا أَوْ قِرَانًا أَوْ تَمَتُّعًا، وَإِنْ ضَاقَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ جَعَلَهُ عُمْرَةً، وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهَا.

[الْمِثَالُ الْخَامِسَ عَشَرَ مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ]

[مَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ]

الْمِثَالُ الْخَامِسَ عَشَرَ: إذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ غَيْرَ مُحْرِمٍ لَزِمَهُ الْإِحْرَامُ وَدَمٌ لِمُجَاوَزَتِهِ لِلْمِيقَاتِ غَيْرَ مُحْرِمٍ، فَالْحِيلَةُ فِي سُقُوطِ الدَّمِ عَنْهُ أَنْ لَا يُحْرِمَ مِنْ مَوْضِعِهِ، بَلْ يَرْجِعَ إلَى الْمِيقَاتِ فَيُحْرِمَ مِنْهُ؛ فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْ مَوْضِعِهِ لَزِمَهُ الدَّمُ، وَلَا يَسْقُطُ بِرُجُوعِهِ إلَى الْمِيقَاتِ.

[الْمِثَال السَّادِسَ عَشْر الْحِيلَة لِلْبِرِّ فِي يَمِينٍ]

[حِيلَةٌ لِلْبِرِّ فِي يَمِينٍ]

الْمِثَالُ السَّادِسَ عَشَرَ: إذَا سُرِقَ لَهُ مَتَاعٌ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي مَنْ أَخَذَهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَالْمَرْأَةُ لَا تَعْلَمُ مَنْ أَخَذَهُ.

فَالْحِيلَةُ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ هَذِهِ الْيَمِينِ أَنْ تَذْكُرَ الْأَشْخَاصَ الَّتِي لَا يَخْرُجُ الْمَأْخُوذُ عَنْهُمْ، ثُمَّ تُفْرِدَ كُلَّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ، وَتَقُولَ: هُوَ أَخَذَهُ؛ فَإِنَّهَا تَكُونُ مُخْبِرَةً عَنْ الْآخِذِ وَعَنْ غَيْرِهِ فَيَبَرُّ فِي يَمِينِهِ وَلَا تَطْلُقُ.

[الْمِثَالُ السَّابِعَ عَشَر ادِّعَاءُ الْمَرْأَةِ نَفَقَةً مَاضِيَةً]

[ادِّعَاءُ الْمَرْأَةِ نَفَقَةً مَاضِيَةً]

الْمِثَالُ السَّابِعَ عَشَرَ: إذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ لِمُدَّةٍ مَاضِيَةٍ، فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي قَبُولِ دَعْوَاهَا، فَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَقْبَلَانِ دَعْوَاهَا، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مَأْخَذِ الرَّدِّ؛ فَأَبُو حَنِيفَةَ يُسْقِطُهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، كَمَا يَقُولُهُ مُنَازِعُوهُ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، وَمَالِكٌ لَا يَسْمَعُ الدَّعْوَى الَّتِي يُكَذِّبُهَا الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ، وَلَا يُحْلَفُ عِنْدَهُ فِيهَا، وَلَا يَقْبَلُ فِيهَا بَيِّنَةً، كَمَا لَوْ كَانَ رَجُلٌ حَائِزًا

<<  <  ج: ص:  >  >>