صَوْمِ أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ شَوَّالٍ فَإِنَّهُ يَوْمٌ يَكُونُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ أَضْيَافُ رَبِّهِمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَهُمْ فِي شُكْرَانِ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِمْ، فَأَيُّ شَيْءٍ أَبْلَغُ وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا الْإِيجَابِ وَالتَّحْرِيمِ؟
[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ بِنْتِ الْأَخِ وَبِنْتِ الْعَمِّ وَنَحْوِهَا فِي النِّكَاح]
فَصْلٌ:
[الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ بِنْتِ الْأَخِ وَبِنْتِ الْعَمِّ وَنَحْوِهَا]
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَحَرَّمَ عَلَيْهِ نِكَاحَ بِنْتِ أَخِيهِ وَأُخْتِهِ، وَأَبَاحَ لَهُ نِكَاحَ بِنْتِ أَخِي أَبِيهِ وَبِنْتِ أُخْتِ أُمِّهِ، وَهُمَا سَوَاءٌ " فَالْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى صَادِقَةٌ، وَالثَّانِيَةُ كَاذِبَةٌ؛ فَلَيْسَتَا سَوَاءٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَلَا فِي الْعُرْفِ، وَلَا فِي الْعُقُولِ، وَلَا فِي الشَّرِيعَةِ، وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ شَرْعًا وَقَدْرًا وَعَقْلًا وَفِطْرَةً، وَلَوْ تَسَاوَتْ الْقَرَابَةُ لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الْخَالَةِ وَبِنْتِ الْعَمَّةِ، وَهَذَا مِنْ أَفْسَدِ الْأُمُورِ، وَالْقَرَابَةُ الْبَعِيدَةُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجَانِبِ؛ فَلَيْسَ مِنْ الْحِكْمَةِ وَالْمَصْلَحَةِ أَنْ تُعْطَى حُكْمَ الْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ، وَهَذَا مِمَّا فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْعُقَلَاءَ، وَمَا خَالَفَ شَرْعَهُ فِي ذَلِكَ فَهُوَ إمَّا مَجُوسِيَّةٌ تَتَضَمَّنُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْبِنْتِ وَالْأُمِّ وَبَنَاتِ الْأَعْمَامِ وَالْخَالَاتِ فِي نِكَاحِ الْجَمِيعِ، وَإِمَّا حَرَجٌ عَظِيمٌ عَلَى الْعِبَادِ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ بَنَاتِ أَعْمَامِهِمْ وَعَمَّاتِهِمْ وَأَخْوَالِهِمْ وَخَالَاتِهِمْ؛ فَإِنَّ النَّاسَ - وَلَا سِيَّمَا الْعَرَبُ - أَكْثَرُ بَنُو عَمٍّ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَمَّا بُنُوَّةِ عَمٍّ دَانِيَةٍ أَوْ قَاصِيَةٍ، فَلَوْ مُنِعُوا مِنْ ذَلِكَ لَكَانَ عَلَيْهِمْ فِيهِ حَرَجٌ عَظِيمٌ وَضِيقٌ؛ فَكَانَ مَا جَاءَتْ بِهِ الشَّرِيعَةُ أَحْسَنَ الْأُمُورِ وَأَلْصَقَهَا بِالْعُقُولِ السَّلِيمَةِ وَالْفِطَرِ الْمُسْتَقِيمَةِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
[فَصَلِّ حَمْلُ الْعَاقِلَةِ جِنَايَةَ الْخَطَأِ عَلَى النُّفُوسِ دُونَ الْأَمْوَالِ]
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَحَمْلُ الْعَاقِلَةِ جِنَايَةَ الْخَطَأِ عَلَى النُّفُوسِ دُونَ الْأَمْوَالِ " قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا مِنْ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ، وَذَكَرْنَا مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَمْوَالِ وَالنُّفُوسِ مَا أَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ.
[فَصَلِّ الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْحَائِضِ فِي الْوَطْء]
[الْحِكْمَةُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُسْتَحَاضَةِ وَالْحَائِضِ]
وَأَمَّا قَوْلُهُ: " وَحَرَّمَ وَطْءَ الْحَائِضِ لِأَجْلِ الْأَذَى، وَأَبَاحَ وَطْءَ الْمُسْتَحَاضَةِ مَعَ وُجُودِ الْأَذَى، وَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ " فَالْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى صَادِقَةٌ، وَالثَّانِيَةُ فِيهَا إجْمَالٌ؛ فَإِنْ أُرِيدَ أَنَّ أَذَى الِاسْتِحَاضَةِ مُسَاوٍ لِأَذَى الْحَيْضِ كَذَبَتْ الْمُقَدِّمَةُ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ نَوْعٌ آخَرُ مِنْ الْأَذَى لَمْ يَكُنْ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا تَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ، فَبَطَلَ سُؤَالُهُ عَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ.
وَمِنْ حِكْمَةِ الشَّارِعِ تَفْرِيقُهُ بَيْنَهُمَا؛ فَإِنَّ أَذَى الْحَيْضِ أَعْظَمُ وَأَدْوَمُ وَأَضَرُّ مِنْ أَذَى الِاسْتِحَاضَةِ، وَدَمُ الِاسْتِحَاضَةِ عِرْقٌ، وَهُوَ فِي الْفَرْجِ بِمَنْزِلِهِ الرُّعَافِ فِي الْأَنْفِ، وَخُرُوجُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute