للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَعْفُو» .

«فَسُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَاءٍ يَطْلُعُ مِنْ الْجَنَّةِ، فَقَالَ عَلَى أَنْهَارٍ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى، وَأَنْهَارٍ مِنْ كَأْسٍ مَا بِهَا مِنْ صُدَاعٍ وَلَا نَدَامَةٍ، وَأَنْهَارٍ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَمَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ، وَفَاكِهَةٍ لَعَمْرُ إلَهِكَ مِمَّا تَعْلَمُونَ وَخَيْرٌ مِنْ مِثْلِهِ مَعَهُ، وَأَزْوَاجٍ مُطَهَّرَةٍ» «فَسُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَلَنَا فِيهَا أَزْوَاجٌ؟ فَقَالَ الصَّالِحَاتُ لِلصَّالِحِينَ، تَلَذُّونَهُنَّ مِثْلَ لَذَّاتِكُمْ فِي الدُّنْيَا، وَيَلَذُّونَكُمْ، غَيْرَ أَنْ لَا تَوَالُدَ» ذَكَرَهُ أَحْمَدُ.

«وَسُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ كَيْفِيَّةِ إتْيَانِ الْوَحْيِ إلَيْهِ، فَقَالَ يَأْتِينِي أَحْيَانًا مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ، وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ، فَيَفْصِمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ مَا قَالَ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

«وَسُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ شِبْهِ الْوَلَدِ بِأَبِيهِ تَارَةً وَبِأُمِّهِ تَارَةً، فَقَالَ إذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ كَانَ الشَّبَهُ لَهُ، وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ فَالشَّبَهُ لَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ أَنَّهُ قَالَ «إذَا عَلَا مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ أَذْكَرَ الرَّجُلُ بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاذَا عَلَا مَاءُ الْمَرْأَةِ مَاءَ الرَّجُلِ أَنَّثَ بِإِذْنِ اللَّهِ» فَكَانَ شَيْخُنَا يَتَوَقَّفُ فِي كَوْنِ هَذَا اللَّفْظِ مَحْفُوظًا، وَيَقُولُ: الْمَحْفُوظُ هُوَ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ.

وَالْإِذْكَارُ وَالْإِينَاثُ لَيْسَ لَهُ سَبَبٌ طَبِيعِيٌّ، وَإِنَّمَا هُوَ بِأَمْرِ الرَّبِّ تَبَارَكَ - وَتَعَالَى - لِلْمَلِكِ أَنْ يَخْلُقَهُ كَمَا يَشَاءُ، وَلِهَذَا جُعِلَ مَعَ الرِّزْقِ وَالْأَجَلِ وَالسَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ هَذَا اللَّفْظُ مَحْفُوظًا فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ، وَيَكُونُ سَبْقُ الْمَاءِ سَبَبًا لِلشَّبَهِ وَعُلْوُهُ عَلَى مَاءِ الْآخَرِ سَبَبًا لِلْإِذْكَارِ وَالْإِينَاثِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

«وَسُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَهْلِ الدَّارِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَبِيتُونَ فَيُصَابُ مِنْ ذَرَارِيِّهِمْ وَنِسَائِهِمْ، فَقَالَ هُمْ مِنْهُمْ» حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَمُرَادُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَوْنِهِمْ مِنْهُمْ التَّبَعِيَّةُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَعَدَمُ الضَّمَانِ، لَا التَّبَعِيَّةُ فِي عِقَابِ الْآخِرَةِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا إلَّا بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ.

«وَسُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: ١٣] فَقَالَ: إنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ» ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ.

وَلَمَّا نَزَلَ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠] {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: ٣١] «سُئِلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُكَرَّرُ عَلَيْنَا مَا كَانَ بَيْنَنَا فِي الدُّنْيَا مَعَ خَوَاصِّ الذُّنُوبِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ لَيُكَرَّرَنَّ عَلَيْكُمْ حَتَّى تُؤَدُّوا إلَى كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاَللَّهِ إنَّ الْأَمْرَ لَشَدِيدٌ» .

<<  <  ج: ص:  >  >>