وَفِي بَعْضِ طُرُقِهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمِعَ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَلَمْ تَرَ إلَى هَذَا الَّذِي سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلَمْ تَدْعُهُ نَفْسُهُ حَتَّى رُجِمَ رَجْمَ الْكَلْبِ، فَسَكَتَ عَنْهُمَا ثُمَّ سَارَ سَاعَةً حَتَّى مَرَّ بِجِيفَةِ حِمَارٍ شَائِلٍ بِرِجْلَيْهِ، فَقَالَ: أَيْنَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ؟ فَقَالَا: نَحْنُ ذَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: انْزِلَا وَكُلَا مِنْ جِيفَةِ هَذَا الْحِمَارِ، فَقَالَا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ يَأْكُلُ هَذَا؟ قَالَ: فَمَا نِلْتُمَا مِنْ عِرْضِ أَخِيكُمَا آنِفًا أَشَدُّ أَكْلًا مِنْهُ، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهُ الْآنَ لَفِي أَنْهَارِ الْجَنَّةِ يَنْغَمِسُ فِيهَا» .
وَفِي بَعْضِ طُرُقِهَا «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: لَعَلَّكَ رَأَيْتَ فِي مَنَامِكَ، لَعَلَّكَ اُسْتُكْرِهَتْ» ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ صَحِيحَةٌ.
وَفِي بَعْضِهَا «أَنَّهُ أَمَرَ فَحُفِرَتْ لَهُ حُفَيْرَة» ، ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ، وَهِيَ غَلَطٌ مِنْ رِوَايَةِ بَشِيرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمٌ قَدْ رَوَى لَهُ فِي الصَّحِيحِ فَالثِّقَةُ قَدْ يَغْلَطُ عَلَى أَنَّ أَحْمَدَ وَأَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ قَدْ تَكَلَّمَا فِيهِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ الْوَهْمُ مِنْ حُفْرَةِ الْغَامِدِيَّةِ، فَسَرَى إلَى مَاعِزٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
«وَجَاءَتْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْغَامِدِيَّةُ، فَقَالَتْ إنِّي قَدْ زَنَيْتُ فَطَهِّرْنِي، وَإِنَّهُ رَدَّدَهَا، فَقَالَتْ: تُرَدِّدُنِي كَمَا رَدَّدْتَ مَاعِزًا فَوَاَللَّهِ إنِّي لَحُبْلَى، فَقَالَ: اذْهَبِي حَتَّى تَلِدِي، فَلَمَّا وَلَدَتْ أَتَتْهُ بِالصَّبِيِّ فِي خِرْقَةٍ، فَقَالَتْ: هَذَا قَدْ وَلَدْتُهُ، فَقَالَ: اذْهَبِي فَأَرْضِعِيهِ حَتَّى تَفْطِمِيهِ، فَلَمَّا فَطَمَتْهُ أَتَتْهُ بِهِ، وَفِي يَدِهِ كِسْرَةٌ مِنْ خُبْزٍ؛ فَقَالَتْ: هَذَا قَدْ فَطَمْتُهُ وَأَكَلَ الطَّعَامَ، فَدَفَعَ الصَّبِيَّ إلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَحُفِرَ لَهَا إلَى صَدْرِهَا، وَأَمَرَ النَّاسَ فَرَجَمُوهَا، فَأَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِحَجَرٍ فَرَمَى رَأْسَهَا فَنَضَحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ، فَسَبَّهَا، فَسَمِعَ نَبِيُّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَبَّهُ إيَّاهَا، فَقَالَ مَهْلًا يَا خَالِدُ، فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصَلَّ عَلَيْهَا وَدُفِنَتْ» ، ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ.
«وَجَاءَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، وَلَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهُ، وَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَامَ إلَيْهِ الرَّجُلُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْ فِي كِتَابَ اللَّهِ، قَالَ: أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ غَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ - أَوْ قَالَ - حَدَّكَ» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وَجْهِ هَذَا الْحَدِيثِ؛ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَقَرَّ بِحَدٍّ لَمْ يُسَمِّهِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْإِمَامِ اسْتِفْسَارُهُ، وَلَوْ سَمَّاهُ لَحَدَّهُ كَمَا حَدَّ مَاعِزًا، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِتَوْبَتِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute