للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّبَهَ بَيْنَ الْبَغْلِ وَالْفَرَسِ أَظْهَرُ وَأَقْوَى مِنْ الشَّبَهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلْبِ. وَقِيَاسُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ عَلَى السِّنَّوْرِ بِشِدَّةِ مُلَامَسَتِهِمَا وَالْحَاجَةِ إلَيْهِمَا وَشُرْبِهِمَا مِنْ آنِيَةِ الْبَيْتِ أَصَحُّ مِنْ قِيَاسِهِمَا عَلَى الْكَلْبِ.

وَقِسْتُمْ الْخَنَافِسَ وَالزَّنَابِيرَ وَالْعَقَارِبَ وَالصَّرْدَانِ عَلَى الذُّبَابِ فِي أَنَّهَا لَا تُنَجِّسُ بِالْمَوْتِ بِعَدَمِ النَّفْسِ السَّائِلَةِ لَهَا وَقِلَّةِ الرُّطُوبَاتِ وَالْفَضَلَاتِ الَّتِي تُوجِبُ التَّنْجِيسَ فِيهَا، وَنَجَّسَ مَنْ نَجَّسَ مِنْكُمْ الْعِظَامَ بِالْمَوْتِ مَعَ تَعَرِّيهَا مِنْ الرُّطُوبَاتِ وَالْفَضَلَاتِ جُمْلَةً، وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّفْسَ السَّائِلَةَ الَّتِي فِي تِلْكَ الْحَيَوَانَاتِ الْمَقِيسَةِ أَعْظَمُ مِنْ النَّفْسِ السَّائِلَةِ الَّتِي فِي الْعِظَامِ.

وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَا شَرِبَ مِنْهُ الصَّقْرُ وَالْبَازِي وَالْحَدَأَةُ وَالْعُقَابُ وَالْأَحْنَاشُ وَسِبَاعُ الطَّيْرِ وَمَا شَرِبَ مِنْهُ سِبَاعُ الْبَهَائِمِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا، قَالَ أَبُو يُوسُفَ: سَأَلْتُ أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ الْفَرْقِ فِي هَذَا بَيْنَ سِبَاعِ الطُّيُورِ وَسِبَاعِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ، فَقَالَ: أَمَّا فِي الْقِيَاسِ فَهُمَا سَوَاءٌ، وَلَكِنِّي أَسْتَحْسِنُ فِي هَذَا.

وَتَرَكْتُمْ صَرِيحَ الْقِيَاسِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ نَبِيذِ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالْعَسَلِ وَالْحِنْطَةِ وَنَبِيذِ الْعِنَبِ، وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا أَلْبَتَّةَ، مَعَ أَنَّ النُّصُوصَ الصَّحِيحَةَ الصَّرِيحَةَ قَدْ سَوَّتْ بَيْنَ الْجَمِيعِ.

وَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ مَنْ مَعَهُ إنَاءَانِ طَاهِرٌ وَنَجَسٌ فَقُلْتُمْ: يُرِيقُهُمَا وَيَتَيَمَّمُ، وَلَا يَتَحَرَّى فِيهِمَا، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ كَذَلِكَ يَتَحَرَّى فِيهِمَا، وَالْوُضُوءُ بِالْمَاءِ النَّجَسِ كَالصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ النَّجَسِ، ثُمَّ قُلْتُمْ: فَلَوْ كَانَتْ الْآنِيَةُ ثَلَاثَةً تَحَرَّى، فَفَرَّقْتُمْ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ، وَهُوَ فَرْقٌ بَيْنَ مُتَمَاثِلَيْنِ، وَهَذَا عَلَى أَصْحَابِ الرَّأْيِ، وَأَمَّا أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ فَفَرَّقُوا بَيْنَ الْإِنَاءِ الَّذِي كُلُّهُ بَوْلٌ وَبَيْنَ الْإِنَاءِ الَّذِي نِصْفُهُ فَأَكْثَرُ بَوْلٌ، فَجَوَّزُوا الِاجْتِهَادَ بَيْنَ الثَّانِي وَالْإِنَاءِ الطَّاهِرِ، دُونَ الْأَوَّلِ، وَتَرَكُوا مَحْضَ الْقِيَاسِ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا.

وَقِسْتُمْ الْقَيْءَ عَلَى الْبَوْلِ، وَقُلْتُمْ: كِلَاهُمَا طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ خَرَجَ مِنْ الْجَوْفِ، وَلَمْ تَقِيسُوا الْجَشْوَةَ الْخَبِيثَةَ عَلَى الْفَسْوَةِ، وَلَمْ تَقُولُوا: كِلَاهُمَا رِيحٌ خَارِجَةٌ مِنْ الْجَوْفِ. وَقِسْتُمْ الْوُضُوءَ وَغُسْلَ الْجَنَابَةِ عَلَى الِاسْتِنْجَاءِ وَغَسْلِ النَّجَاسَةِ فِي صِحَّتِهِ بِلَا نِيَّةٍ، وَلَمْ تَقِيسُوهُمَا عَلَى التَّيَمُّمِ وَهُمَا أَشْبَهُ بِهِ مِنْ الِاسْتِنْجَاءِ، ثُمَّ تَنَاقَضْتُمْ فَقُلْتُمْ: لَوْ انْغَمَسَ جُنُبٌ فِي الْبِئْرِ لَأَخْذِ الدَّلْوِ وَلَمْ يَنْوِ الْغُسْلَ لَمْ يَرْتَفِعْ حَدَثُهُ، كَمَا قَالَهُ أَبُو يُوسُفَ وَنَقَضَ أَصْلَهُ فِي أَنَّ مَسَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>