للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ طَاوُسٍ أَنَّ عُثْمَانَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَا: الْجَدُّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ.

فَهَذِهِ أَقْوَالُ الْمُوَرِّثِينَ كَمَا تَرَى قَدْ اخْتَلَفَتْ فِي أَصْلِ تَوْرِيثِهِمْ مَعَهُ، وَاضْطَرَبَتْ فِي كَيْفِيَّةِ التَّوْرِيثِ، وَخَالَفَتْ دَلَالَةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ الصَّحِيحِ، بِخِلَافِ قَوْلِ الصِّدِّيقِ وَمَنْ مَعَهُ.

يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ السَّادِسَ عَشَرَ: [وَهُوَ] أَنَّ النَّاسَ الْيَوْمَ قَائِلَانِ: قَائِلٌ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَقَائِلٌ بِقَوْلِ زَيْدٍ، وَلَكِنَّ قَوْلَ الصِّدِّيقِ هُوَ الصَّوَابُ وَقَوْلَ زَيْدٍ بِخِلَافِهِ، فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَعْصِيبَ الْجَدِّ لِلْأَخَوَاتِ وَهُوَ تَعْصِيبُ الرَّجُلِ جِنْسًا آخَرَ لَيْسُوا مِنْ جِنْسِهِ، وَهَذَا أَصْلٌ لَهُ فِي الشَّرِيعَةِ، إنَّمَا يُعْرَفُ فِي الشَّرِيعَةِ تَعْصِيبُ الرِّجَالِ لِلنِّسَاءِ إذَا كَانُوا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ، وَلَا يُنْتَقَضُ هَذَا بِالْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ فَإِنَّ الرِّجَالَ لَمْ يُعَصِّبُوهُنَّ، وَإِنَّمَا عَصَّبَهُنَّ الْبَنَاتُ، وَلَمَّا كَانَ تَعْصِيبُ الْبَنِينَ أَقْوَى كَانَ الْمِيرَاثُ لَهُمْ دُونَ الْأَخَوَاتِ، بِخِلَافِ قَوْلِ مَنْ عَصَّبَ الْأَخَوَاتِ بِالْجَدِّ، فَإِنَّهُ عَصَّبَهُنَّ بِجِنْسٍ آخَرَ أَقْوَى تَعْصِيبًا مِنْهُنَّ، وَهَذَا لَا عَهْدَ بِهِ فِي الشَّرِيعَةِ أَلْبَتَّةَ.

يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ السَّابِعَ عَشَرَ: [وَهُوَ] أَنَّ الْجَدَّ وَالْإِخْوَةَ لَوْ اجْتَمَعُوا فِي التَّعْصِيبِ لَكَانُوا إمَّا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ، وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرُ الْبُطْلَانِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: اخْتِلَافُ جِهَةِ التَّعْصِيبِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ لَاسْتَوَوْا فِي الْمِيرَاثِ وَالْحِرْمَانِ كَالْإِخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ إذَا انْفَرَدُوا، وَهَذَا هُوَ التَّعْصِيبُ الْمَعْقُولُ فِي الشَّرِيعَةِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَبُطْلَانُهُ أَظْهَرُ، إذْ قَاعِدَةُ الْفَرَائِضِ أَنَّ الْعَصَبَةَ لَا يَرِثُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ إلَّا إذَا كَانُوا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ، وَلَيْسَ لَنَا عَصَبَةٌ مِنْ جِنْسَيْنِ يَرِثَانِ مُجْتَمِعَيْنِ قَطُّ، بَلْ هُوَ مُحَالٌ، فَإِنَّ الْعَصَبَةَ حِكْمَةٌ أَنْ يَأْخُذَ مَا بَقِيَ بَعْدَ الْفُرُوضِ، فَإِذَا كَانَ هَذَا حُكْمَ هَذَا الْجِنْسِ وَجَبَ أَنْ يَأْخُذَ دُونَ الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ الْجِنْسُ الْآخَرُ فَيُفْضِي أَحَدُهُمَا إلَى حِرْمَانِهِمَا، وَاشْتِرَاكُهُمَا مُمْتَنِعٌ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا.

يُوَضِّحُهُ الْوَجْهُ الثَّامِنَ عَشَرَ: [وَهُوَ] أَنَّ الْجَدَّ أَبٌ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ وَفِي بَابِ سُقُوطِ الْقِصَاصِ، وَأَبٌ فِي بَابِ الْمَنْعِ مِنْ دَفْعِ الزَّكَاةِ إلَيْهِ، وَأَبٌ فِي بَابِ وُجُوبِ إعْتَاقِهِ عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ، وَأَبٌ فِي بَابِ سُقُوطِ الْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ، وَأَبٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْإِجْبَارِ فِي النِّكَاحِ، وَفِي بَابِ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ، وَفِي بَابِ الْعِتْقِ بِالْمِلْكِ، وَفِي بَابِ الْإِجْبَارِ عَلَى النَّفَقَةِ، وَفِي بَابِ إسْلَامِ ابْنِ ابْنِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِهِ، وَأَبٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ فِي بَابِ الْمِيرَاثِ عِنْدَ عَدَمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>