للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَقُولُونَ بِالْحَدِيثِ؛ فَإِنَّ عِنْدَهُمْ أَنَّ نَذْرَ الْكَافِرِ لَا يَنْعَقِدُ، وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ. وَاحْتَجُّوا عَلَى الرَّدِّ بِحَدِيثِ: «تَحُوزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَ مَوَارِيثَ؛ عَتِيقَهَا، وَلَقِيطَهَا، وَوَلَدَهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ» وَلَمْ يَقُولُوا - بِالْحَدِيثِ فِي حِيَازَتِهَا - مَالَ لَقِيطِهَا، وَقَدْ قَالَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَهُوَ الصَّوَابُ.

وَاحْتَجُّوا فِي تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ بِالْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ: «الْتَمِسُوا لَهُ وَارِثًا أَوْ ذَا رَحِمٍ فَلَمْ يَجِدُوا، فَقَالَ: أَعْطُوهُ الْكُبْرَ مِنْ خُزَاعَةَ» وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ فِي أَنَّ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ يُعْطَى مَالُهُ لِلْكُبْرِ مِنْ قَبِيلَتِهِ.

وَاحْتَجُّوا فِي مَنْعِ الْقَاتِلِ مِيرَاثَ الْمَقْتُولِ بِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «لَا يَرِثُ قَاتِلٌ، وَلَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ» فَقَالُوا بِأَوَّلِ الْحَدِيثِ دُونَ آخِرِهِ وَاحْتَجُّوا عَلَى جَوَازِ التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ لِلْجِنَازَةِ إذَا خَافَ فَوْتَهَا بِحَدِيثِ أَبِي جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ فِي تَيَمُّمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَدِّ السَّلَامِ، ثُمَّ خَالَفُوهُ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ تَيَمَّمَ بِوَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ دُونَ ذِرَاعَيْهِ، وَالثَّانِي أَنَّهُمْ لَمْ يَكْرَهُوا رَدَّ السَّلَامِ لِلْمُحْدِثِ وَلَمْ يَسْتَحِبُّوا التَّيَمُّمُ لِرَدِّ السَّلَامِ.

وَاحْتَجُّوا فِي جَوَازِ الِاقْتِصَارِ فِي الِاسْتِنْجَاءِ عَلَى حَجَرَيْنِ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَهَبَ لِحَاجَتِهِ وَقَالَ لَهُ: ائْتِنِي بِأَحْجَارٍ، فَأَتَاهُ بِحَجَرَيْنِ وَرَوْثَةٍ، فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: هَذِهِ رِكْسٌ» ثُمَّ خَالَفُوهُ فِيمَا هُوَ نَصٌّ فِيهِ، فَأَجَازُوا الِاسْتِجْمَارَ بِالرَّوْثِ، وَاسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى مَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِحَجَرَيْنِ.

وَاحْتَجُّوا عَلَى أَنَّ مَسَّ الْمَرْأَةِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ «بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَامِلًا أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ إذَا قَامَ حَمَلَهَا وَإِذَا رَكَعَ أَوْ سَجَدَ وَضَعَهَا» ، ثُمَّ قَالُوا: مَنْ صَلَّى كَذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ.

قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: وَمِنْ الْعَجَبِ إبْطَالُهُمْ هَذِهِ الصَّلَاةَ وَتَصْحِيحُهُمْ الصَّلَاةَ بِقِرَاءَةِ {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: ٦٤] بِالْفَارِسِيَّةِ ثُمَّ يَرْكَعُ قَدْرَ نَفَسٍ، ثُمَّ يَرْفَعُ قَدْرَ حَدِّ السَّيْفِ، أَوْ لَا يَرْفَعُ بَلْ يَخِرُّ كَمَا هُوَ سَاجِدًا، وَلَا يَضَعُ عَلَى الْأَرْضِ يَدَيْهِ وَلَا رِجْلَيْهِ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ لَا يَضَعَ رُكْبَتَيْهِ صَحَّ ذَلِكَ، وَلَا جَبْهَتَهُ، بَلْ يَكْفِيهِ وَضْعُ رَأْسِ أَنْفِهِ كَقَدْرِ نَفَسٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَجْلِسُ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ، ثُمَّ يَفْعَلُ فِعْلًا يُنَافِي الصَّلَاةَ مِنْ فُسَاءٍ أَوْ ضُرَاطٍ أَوْ ضَحِكٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.

وَاحْتَجُّوا عَلَى تَحْرِيمِ وَطْءِ الْمَسْبِيَّةِ وَالْمَمْلُوكَةِ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

<<  <  ج: ص:  >  >>