امْرَأَةِ رَجُلٍ رَمَاهَا بِالزِّنَا، فَقَالَ لَهُ يَرْجِعُ، فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ آيَةَ اللِّعَانِ فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا.
وَقَالَ: {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ} [النمل: ٦٥] وَقَالَ: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ} [لقمان: ٣٤] الْآيَةَ، وَقَالَ لِنَبِيِّهِ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [النازعات: ٤٢] {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا} [النازعات: ٤٣] فَحَجَبَ عَنْ نَبِيِّهِ عِلْمَ السَّاعَةِ، وَكَانَ مَنْ عَدَا مَلَائِكَةَ اللَّهِ الْمُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيَاءَهُ الْمُصْطَفِينَ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ أَقْصَرُ عِلْمًا مِنْ مَلَائِكَتِهِ وَأَنْبِيَائِهِ، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ عَلَى خَلْقِهِ طَاعَةَ نَبِيِّهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ الْأَمْرِ شَيْئًا
وَقَدْ صَنَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كِتَابًا فِي طَاعَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ فِيهِ عَلَى مَنْ احْتَجَّ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ فِي مُعَارَضَةِ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَرْكِ الِاحْتِجَاجِ بِهَا، فَقَالَ فِي أَثْنَاءِ خُطْبَتِهِ: إنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ الْهُدَى وَالنُّورَ لِمَنْ اتَّبَعَهُ، وَجَعَلَ رَسُولَهُ الدَّالَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ ظَاهِرِهِ وَبَاطِنِهِ وَخَاصِّهِ وَعَامِّهِ وَنَاسِخِهِ وَمَنْسُوخِهِ وَمَا قَصَدَ لَهُ الْكِتَابُ.
فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ الدَّالِ عَلَى مَعَانِيهِ، شَاهِدُهُ فِي ذَلِكَ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ ارْتَضَاهُمْ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ وَاصْطَفَاهُمْ لَهُ، وَنَقَلُوا ذَلِكَ عَنْهُ، فَكَانُوا أَعْلَمَ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَبِمَا أَرَادَ اللَّهُ مِنْ كِتَابِهِ بِمُشَاهَدَتِهِمْ وَمَا قَصَدَ لَهُ الْكِتَابُ، فَكَانُوا هُمْ الْمُعَبِّرِينَ عَنْ ذَلِكَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ جَابِرٌ: وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَظْهُرِنَا عَلَيْهِ يَنْزِلُ الْقُرْآنُ وَهُوَ يَعْرِفُ تَأْوِيلَهُ وَمَا عَمِلَ بِهِ مِنْ شَيْءٍ عَمِلْنَا بِهِ، ثُمَّ سَاقَ الْآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى طَاعَةِ الرَّسُولِ.
فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي أَوَّلِ آلِ عِمْرَانَ: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [آل عمران: ١٣١] {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران: ١٣٢] وَقَالَ: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: ٣٢] وَقَالَ فِي النِّسَاءِ {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥] وَقَالَ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: ٦٩] .
وَقَالَ: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: ٧٩] {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: ٨٠] ، وَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} [النساء: ٥٩] وَقَالَ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [النساء: ١٣] {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ} [النساء: ١٤]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute