للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخَالَفَةُ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ حِينَئِذٍ، وَإِذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلًا زَائِدًا عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ قُلْتُمْ: هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ، وَهُوَ نَسْخٌ، وَالْقُرْآنُ لَا يُنْسَخُ بِالسُّنَّةِ، فَلَمْ تَأْخُذُوا بِهِ، وَاسْتَصْعَبْتُمْ خِلَافَ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ، فَهَانَ خِلَافُهُ إذَا وَافَقَ قَوْلَ مَنْ قَلَّدْتُمُوهُ، وَصَعُبَ خِلَافُهُ إذَا وَافَقَ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

الْوَجْهُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّكُمْ أَخَذْتُمْ بِخَبَرٍ ضَعِيفٍ لَا يَثْبُتُ فِي إيجَابِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ، وَلَمْ تَرَوْهُ زَائِدًا عَلَى الْقُرْآنِ، وَرَدَدْتُمْ السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ الصَّرِيحَةَ فِي أَمْرِ الْمُتَوَضِّئِ بِالِاسْتِنْشَاقِ، وَقُلْتُمْ: هُوَ زَائِدٌ عَلَى الْقُرْآنِ، فَهَاتُوا لَنَا الْفَرْقَ بَيْنَ مَا يُقْبَلُ مِنْ السُّنَنِ الصَّحِيحَةِ، وَمَا رَدَّ مِنْهَا، فَإِمَّا أَنْ تَقْبَلُوهَا كُلَّهَا، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْقُرْآنِ، وَإِمَّا أَنْ تَرُدُّوهَا كُلَّهَا إذَا كَانَتْ زَائِدَةً عَلَى الْقُرْآنِ، وَأَمَّا التَّحَكُّمُ فِي قَبُولِ مَا شِئْتُمْ مِنْهَا وَرَدِّ مَا شِئْتُمْ مِنْهَا، فَمَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ، وَنَحْنُ نُشْهِدُ اللَّهَ شَهَادَةً يَسْأَلُنَا عَنْهَا يَوْمَ نَلْقَاهُ أَنَّا لَا نَرُدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةً وَاحِدَةً صَحِيحَةً أَبَدًا إلَّا بِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ مِثْلِهَا نَعْلَمُ أَنَّهَا نَاسِخَةٌ لَهَا.

الْوَجْهُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ: أَنَّكُمْ رَدَدْتُمْ السُّنَّةَ الصَّحِيحَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْقَسْمِ لِلْبِكْرِ سَبْعًا يُفَضِّلُهَا بِهَا عَلَى مَنْ عِنْدَهُ مِنْ النِّسَاءِ وَلِلثَّيِّبِ ثَلَاثًا إذَا أَعْرَسَ بِهِمَا وَقُلْتُمْ: هَذَا زَائِدٌ عَلَى الْعَدْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي الْقُرْآنِ وَمُخَالِفٌ لَهُ، فَلَوْ قَبِلْنَاهُ كُنَّا قَدْ نَسَخْنَا بِهِ الْقُرْآنَ، ثُمَّ أَخَذْتُمْ بِقِيَاسٍ فَاسِدٍ وَاهٍ لَا يَصِحُّ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ لِوَاجِدِ الطَّوْلِ غَيْرَ خَائِفِ الْعَنَتِ إذَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَزَائِدٌ عَلَيْهِ قَطْعًا.

الْوَجْهُ الْأَرْبَعُونَ: رَدُّكُمْ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِسْقَاطِ نَفَقَةِ الْمَبْتُوتَةِ وَسُكْنَاهَا، وَقُلْتُمْ: هُوَ مُخَالِفٌ لِلْقُرْآنِ، فَلَوْ قَبِلْنَاهُ كَانَ نَسْخًا لِلْقُرْآنِ بِهِ، ثُمَّ أَخَذْتُمْ بِخَبَرٍ ضَعِيفٍ لَا يَصِحُّ أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ قُرْءَانِ وَطَلَاقُهَا طَلْقَتَانِ مَعَ كَوْنِهِ زَائِدًا عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ قَطْعًا.

الْوَجْهُ الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: رَدُّكُمْ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي تَخْيِيرِ وَلِيِّ الدَّمِ بَيْنَ الدِّيَةِ أَوْ الْقَوَدِ أَوْ الْعَفْوِ بِقَوْلِكُمْ: إنَّهَا زَائِدَةٌ عَلَى مَا فِي الْقُرْآنِ، ثُمَّ أَخَذْتُمْ بِقِيَاسِ مَنْ أَفْسَدَ الْقِيَاسَ أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَهُ بِأَعْظَمَ دَبُّوسٍ يُوجَدُ حَتَّى يَنْثُرَ دِمَاغَهُ عَلَى الْأَرْضِ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ، وَلَمْ تَرَوْا ذَلِكَ مُخَالِفًا لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] وَيَقُولُ: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] .

الْوَجْهُ الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: أَنَّكُمْ رَدَدْتُمْ السُّنَّةَ الثَّابِتَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: «لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» وَقَوْلُهُ: «الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ» وَقُلْتُمْ: هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: ٤٥] وَأَخَذْتُمْ بِخَبَرٍ لَا يَصِحُّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>