للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ، وَقَدْ أَفْتَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ فِيهِ دَمًا، فَلَمْ يَلْتَفِتُوا إلَى قَوْلِهِ وَأَخَذُوا بِرِوَايَتِهِ، وَأَخَذَتْ الْحَنَفِيَّةُ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «كُلُّ الطَّلَاقِ جَائِزٌ إلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ» قَالُوا: وَهَذَا صَرِيحٌ فِي طَلَاقِ الْمُكْرَهِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَيْسَ لِمُكْرَهٍ وَلَا لِمُضْطَهَدٍ طَلَاقٌ، وَأَخَذُوا هُمْ وَالنَّاسُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ اشْتَرَى جَمَلًا شَارِدًا بِأَصَحِّ سَنَدٍ يَكُونُ، وَأَخَذَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَابْنِ عَبَّاسٍ «صَلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ» وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا صَلَاةُ الصُّبْحِ، وَأَخَذَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ وَغَيْرُهُمْ بِخَبَرِ عَائِشَةَ فِي التَّحْرِيمِ بِلَبَنِ الْفَحْلِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهَا خِلَافُهُ، وَأَنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَتْهُ بَنَاتُ إخْوَتِهَا، وَلَا يَدْخُلُ عَلَيْهَا مَنْ أَرْضَعَتْهُ نِسَاءُ إخْوَتِهَا، وَأَخَذَ الْحَنَفِيَّةُ بِرِوَايَةِ عَائِشَةَ «فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ» وَصَحَّ عَنْهَا أَنَّهَا أَتَمَّتْ الصَّلَاةَ فِي السَّفَرِ، فَلَمْ يَدْعُوا رِوَايَتِهَا لِرَأْيِهَا، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ جَابِرٍ وَأَبِي مُوسَى فِي الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ مِنْ الضَّحِكِ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا: لَا وُضُوءَ مِنْ ذَلِكَ، وَأَخَذَ النَّاسُ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي تَرْكِ إيجَابِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتْ النَّارُ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَائِشَةَ بِأَصَحِّ إسْنَادٍ إيجَابُ الْوُضُوءِ لِلصَّلَاةِ مِنْ أَكْلِ كُلِّ مَا مَسَّتْ النَّارُ، وَأَخَذَ النَّاسُ بِأَحَادِيثِ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ ثَلَاثَتِهِمْ الْمَنْعُ مِنْ الْمَسْحِ جُمْلَةً؛ فَأَخَذُوا بِرِوَايَتِهِمْ وَتَرَكُوا رَأْيَهُمْ.

وَاحْتَجُّوا فِي إسْقَاطِ الْقِصَاصِ عَنْ الْأَبِ بِحَدِيثِ عُمَرَ «لَا يُقْتَصُّ لِوَلَدٍ مِنْ وَالِدِهِ» وَقَدْ قَالَ عُمَرُ: لَأَقُصَّنَّ لِلْوَلَدِ مِنْ الْوَالِدِ؛ فَلَمْ يَأْخُذُوا بِرَأْيِهِ بَلْ بِرِوَايَتِهِ، وَاحْتَجَّتْ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ بِحَدِيثَيْنِ لَا يَصِحَّانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ بِأَصَحِّ إسْنَادٍ يَكُونُ «أَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ» وَأَخَذَتْ الْحَنَفِيَّةُ بِحَدِيثٍ لَا يَصِحُّ بَلْ هُوَ مِنْ وَضْعِ حِزَامِ بْنِ عُثْمَانَ وَمُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ الْحَلَبِيِّ، وَهُوَ حَدِيثُ جَابِرٍ «لَا يَكُونُ صَدَاقٌ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ» وَقَدْ صَحَّ عَنْ جَابِرٍ جَوَازُ النِّكَاحِ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَاحْتَجُّوا هُمْ وَغَيْرُهُمْ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَرْفُوعِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ جَوَازُ بَيْعِهِنَّ؛ فَقَدَّمُوا رِوَايَتَهُ الَّتِي لَمْ تَثْبُتْ عَلَى فَتْوَاهُ الصَّحِيحَةِ عَنْهُ، وَأَخَذَتْ الْحَنَابِلَةُ وَغَيْرُهُمْ بِخَبَرِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَلْحَقَ الْوَلَدَ بِأَبَوَيْنِ، وَقَدْ خَالَفَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ؛ فَلَمْ يَعْتَدُّوا بِخِلَافِهِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَمُعَاوِيَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ» ، وَصَحَّ عَنْهُمْ النَّهْيُ عَنْ التَّمَتُّعِ، فَأَخَذَ النَّاسُ بِرِوَايَتِهِمْ وَتَرَكُوا رَأْيَهُمْ، وَأَخَذَ النَّاسُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَحْرِ «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» وَقَدْ رَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَاءَانِ لَا يُجْزِئَانِ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ مَاءُ الْبَحْرِ وَمَاءُ الْحَمَّامِ، وَأَخَذَتْ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْأَمْرِ بِغَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>