سَعْدٍ عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، فَذَكَرَهُ، وَقَدْ أُعِلَّ هَذَا الْحَدِيثُ بِثَلَاثِ عِلَلٍ؛ إحْدَاهَا: أَنَّ أَبَا حَاتِمٍ الْبُسْتِيَّ ضَعَّفَ مِشْرَحَ بْنَ هَاعَانَ.
، وَالْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ مَا حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ عَنْ الْبُخَارِيِّ فَقَالَ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ عَنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ عَنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ، هُوَ الْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ، وَلَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» فَقَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ لَمْ يَكُنْ أَخْرَجَهُ فِي أَيَّامِنَا، مَا أَرَى اللَّيْثَ سَمِعَهُ مِنْ مِشْرَحِ بْنِ هَاعَانَ؛ لِأَنَّ حَيْوَةَ يَرْوِي عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مِشْرَحٍ.
وَالْعِلَّةُ الثَّالِثَةُ: مَا ذَكَرَهَا الْجُوزَجَانِيُّ فِي تَرْجَمَتِهِ فَقَالَ: كَانُوا يُنْكِرُونَ عَلَى عُثْمَانَ هَذَا الْحَدِيثَ إنْكَارًا شَدِيدًا؛ فَأَمَّا الْعِلَّةُ الْأُولَى فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْدِسِيُّ: مِشْرَحٌ قَدْ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي رِوَايَةِ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ، وَابْنِ مَعِينٍ أَعْلَمُ بِالرِّجَالِ مِنْ ابْنِ حِبَّانَ، قُلْت: وَهُوَ صَدُوقٌ عِنْدَ الْحُفَّاظِ، لَمْ يَتَّهِمْهُ أَحَدٌ أَلْبَتَّةَ، وَلَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ قَطُّ أَنَّهُ ضَعِيفٌ، وَلَا ضَعَّفَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَإِنَّمَا يُقَالُ: يَرْوِي عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَنَاكِيرَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا؛ فَالصَّوَابُ تَرْكُ مَا انْفَرَدَ بِهِ، وَانْفَرَدَ ابْنُ حِبَّانَ مِنْ بَيْنِ أَهْلِ الْحَدِيثِ بِهَذَا الْقَوْلِ فِيهِ، وَأَمَّا الْعِلَّةُ الثَّانِيَةُ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ اللَّيْثِ، وَكَوْنُهُ لَمْ يُخْرِجْهُ وَقْتَ اجْتِمَاعِ الْبُخَارِيِّ بِهِ لَا يَضُرُّهُ شَيْئًا؛ وَأَمَّا قَوْلُهُ: " إنَّ حَيْوَةَ يَرْوِي عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ شُرَيْحٍ الْمِصْرِيِّ عَنْ مِشْرَحٍ " فَإِنَّهُ يُرِيدُ [بِهِ] أَنَّ حَيْوَةَ مِنْ أَقْرَانِ اللَّيْثِ أَوْ أَكْبَرَ مِنْهُ، وَإِنَّمَا رَوَى عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ مِشْرَحٍ، وَهَذَا تَعْلِيلٌ قَوِيٌّ، وَيُؤَكِّدُهُ أَنَّ اللَّيْثَ قَالَ " قَالَ مِشْرَحٌ " وَلَمْ يَقُلْ حَدَّثَنَا، وَلَيْسَ بِلَازِمٍ؛ فَإِنَّ اللَّيْثَ كَانَ مُعَاصِرًا لِمِشْرَحٍ وَهُوَ فِي بَلَدِهِ، وَطَلَبُ اللَّيْثُ الْعِلْمَ وَجَمْعُهُ لَمْ يَمْنَعْهُ أَنْ لَا يَسْمَعَ مِنْ مِشْرَحٍ حَدِيثَهُ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَهُوَ مَعَهُ فِي الْبَلَدِ. وَأَمَّا التَّعْلِيلُ الثَّالِثُ فَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إنْكَارُ مَنْ أَنْكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى عُثْمَانَ غَيْرُ جَيِّدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ لِتَوَهُّمِ انْفِرَادِهِ بِهِ عَنْ اللَّيْثِ وَظَنِّهِمْ أَنَّهُ لَعَلَّهُ أَخْطَأَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهُمْ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ اللَّيْثِ، كَمَا قَدْ يَتَوَهَّمُ بَعْضُ مَنْ يَكْتُبُ الْحَدِيثَ أَنَّ الْحَدِيثَ إذَا انْفَرَدَ بِهِ عَنْ الرَّجُلِ مَنْ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ مِنْ أَصْحَابِهِ كَانَ ذَلِكَ شُذُوذًا فِيهِ وَعِلَّةً قَادِحَةً، وَهَذَا لَا يَتَوَجَّهُ هَهُنَا لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ عَنْهُ، رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيث أَبِي بَكْرٍ الْقَطِيعِيِّ ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ الْمَعْرُوفُ بِأَبِي فَرِيقٍ ثنا أَبُو صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بِهِ، فَذَكَرَهُ، وَرَوَاهُ أَيْضًا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ: ثنا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْهَيْثَمِ أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ، فَذَكَرَهُ. الثَّانِي: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ صَالِحٍ هَذَا الْمِصْرِيُّ نَفْسُهُ رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ، وَقَالَ: هُوَ شَيْخٌ صَالِحٌ سَلِيمُ التَّأْدِيَةِ، قِيلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute