الْوُقُوعُ فَالْمَحْفُوظُ عَنْهُمْ مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَمَا رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ فَعَلَتْ كَذَا وَكَذَا فَهِيَ طَالِقٌ، فَفَعَلَتْهُ، قَالَ: هِيَ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ أَحَقُّ بِهَا، عَلَى أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: هِيَ طَالِقٌ إلَى سَنَةٍ، قَالَ: يَسْتَمْتِعُ بِهَا إلَى سَنَةٍ، وَمِنْ هَذَا قَوْلُ أَبِي ذَرٍّ لِامْرَأَتِهِ وَقَدْ أَلَحَّتْ عَلَيْهِ فِي سُؤَالِهِ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فَقَالَ: إنْ عُدْتِ سَأَلْتِنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ.
وَهَهُنَا نُكْتَةٌ لَطِيفَةٌ يَحْسُنُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا، وَهِيَ «أَنَّ أَبَا ذَرٍّ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَأَلَحَّ عَلَيْهِ، حَتَّى قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي آخِرِ مَسْأَلَتِهِ: الْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، وَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ بَعْدَ هَذَا ثُمَّ حَدَّثَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَدَّثَ، قَالَ: فَاهْتَبَلْتُ غَفْلَتَهُ فَقُلْت: أَقْسَمْت عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ بِحَقِّي عَلَيْك لَتُحَدِّثَنِي فِي أَيِّ الْعَشْرِ هِيَ، قَالَ: فَغَضِبَ عَلَيَّ غَضَبًا مَا غَضِبَ عَلَيَّ مِنْ قَبْلُ وَلَا مِنْ بَعْدُ، ثُمَّ قَالَ: الْتَمِسُوهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، وَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ بَعْدُ» ذَكَرَهُ النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ، فَأَصَابَ أَبَا ذَرٍّ مِنْ امْرَأَتِهِ وَإِلْحَاحِهَا عَلَيْهِ مَا أَوْجَبَ غَضَبَهُ وَقَالَ: إنْ عُدْتِ سَأَلْتِنِي فَأَنْتِ طَالِقٌ.
فَهَذِهِ جَمِيعُ الْآثَارِ الْمَحْفُوظَةِ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ.
وَأَمَّا الْآثَارُ عَنْهُمْ فِي خِلَافِهِ فَصَحَّ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَحَفْصَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ فِيمَنْ حَلَفَتْ بِأَنَّ كُلَّ مَمْلُوكٍ لَهَا حُرٌّ إنْ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ عَبْدِهَا وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، أَنَّهَا تُكَفِّرُ عَنْ يَمِينِهَا وَلَا تُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا، قَالَ الْأَثْرَمُ فِي سُنَنِهِ: ثنا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ ثنا مَعْمَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ أَبِي: ثنا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو رَافِعٍ قَالَ: قَالَتْ مَوْلَاتِي لَيْلَى بِنْتُ الْعَجْمَاءِ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا مُحَرَّرٌ، وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ، وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ إنْ لَمْ تُطَلِّقْ امْرَأَتَك أَوْ تُفَرِّقْ بَيْنَك وَبَيْنَ امْرَأَتِك، قَالَ: فَأَتَيْت زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ، وَكَانَتْ إذَا ذُكِرَتْ امْرَأَةٌ بِالْمَدِينَةِ فَقِيهَةٌ ذُكِرَتْ زَيْنَبُ، قَالَ: فَأَتَيْتهَا فَجَاءَتْ مَعِي إلَيْهَا فَقَالَتْ فِي الْبَيْتِ هَارُوتُ وَمَارُوتُ فَقَالَتْ: يَا زَيْنَبُ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكِ إنَّهَا قَالَتْ: إنَّ كُلَّ مَمْلُوكٍ لَهَا مُحَرَّرٌ وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ، وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ وَهِيَ نَصْرَانِيَّةٌ. فَقَالَتْ: يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ خَلِّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ، فَأَتَيْت حَفْصَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَأَرْسَلْت إلَيْهَا فَأَتَتْهَا فَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ جَعَلَنِي اللَّه فِدَاكِ إنَّهَا قَالَتْ: كُلُّ مَمْلُوكٍ لَهَا مُحَرَّرٌ، وَكُلُّ مَالٍ لَهَا هَدْيٌ، وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ، فَقَالَتْ: يَهُودِيَّةٌ وَنَصْرَانِيَّةٌ، خَلِّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ، قَالَتْ: فَأَتَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَجَاءَ مَعِي إلَيْهَا، فَقَامَ مَعِي عَلَى الْبَابِ فَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: بيبى أَنْتِ وبيبى أَبُوك، فَقَالَ: أَمِنْ حِجَارَةٍ أَنْتِ أَمْ مِنْ حَدِيدٍ أَنْتِ أَمْ أَيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute