للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكُبْرَى، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى إنْ نَوَى الْكَذِبَ دُيِّنَ وَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْحُكْمِ، بَلْ يَكُونُ مُولِيًا، وَلَا يَكُونُ مُظَاهِرًا عِنْدَهُ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ، وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ فَقَالَ " أَعْنِي بِهِ الظِّهَارَ " لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا.

الْمَذْهَبُ الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّهُ يَمِينٌ يُكَفِّرُهُ مَا يُكَفِّرُ الْيَمِينَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، صَحَّ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَمَكْحُولٍ وَقَتَادَةَ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَنَافِعٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَخَلْقٍ سِوَاهُمْ، وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ ظَاهِرُ الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ فَرْضَ تَحِلَّةِ الْأَيْمَانِ عَقِبَ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ يَقِينًا؛ فَلَا يَجُوزُ جَعْلُ تَحِلَّةِ الْأَيْمَانِ لِغَيْرِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهَا وَيَخْرُجُ الْمَذْكُورُ عَنْ حُكْمِ التَّحِلَّةِ الَّتِي قُصِدَ ذِكْرُهَا لِأَجْلِهِ.

الْمَذْهَبُ الرَّابِعَ عَشَرَ: أَنَّهُ يَمِينٌ مُغَلَّظَةٌ يَتَعَيَّنُ فِيهَا عِتْقُ رَقَبَةٍ، صَحَّ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ، وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَمِينًا مُغَلَّظَةً غَلُظَتْ كَفَّارَتُهَا بِتَحَتُّمِ الْعِتْقِ، وَوَجْهُ تَغْلِيظِهَا تَضَمُّنُهَا تَحْرِيمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ وَلَيْسَ إلَى الْعَبْدِ، وَقَوْلُ الْمُنْكَرِ وَالزُّورِ إنْ أَرَادَ الْخَبَرَ فَهُوَ كَاذِبٌ فِي إخْبَارِهِ مُعْتَدٍ فِي إقْسَامِهِ؛ فَغَلُظَتْ كَفَّارَتُهُ بِتَحَتُّمِ الْعِتْقِ كَمَا غَلُظَتْ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ بِهِ أَوْ بِصِيَامِ شَهْرَيْنِ أَوْ بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا.

الْمَذْهَبُ الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنَّهُ طَلَاقٌ، ثُمَّ إنَّهَا إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَهُوَ مَا نَوَاهُ مِنْ الْوَاحِدَةِ وَمَا فَوْقَهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا فَهُوَ ثَلَاثٌ، وَإِنْ نَوَى أَقَلَّ مِنْهَا، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ، وَحُجَّةُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ اللَّفْظَ لَمَّا اقْتَضَى التَّحْرِيمَ وَجَبَ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ، وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا تُحَرَّمُ بِوَاحِدَةٍ، وَالْمَدْخُولُ بِهَا لَا تُحَرَّمُ إلَّا بِالثَّلَاثِ.

[أَقْوَالُ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ]

وَبَعْدُ فَفِي مَذْهَبِ مَالِكٍ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ، هَذَا أَحَدُهَا، وَهُوَ مَشْهُورُهَا، وَالثَّانِي أَنَّهُ ثَلَاثٌ بِكُلِّ حَالٍ نَوَى الثَّلَاثَ أَوْ لَمْ يَنْوِهَا، اخْتَارَهَا عَبْدُ الْمَلِكِ فِي مَبْسُوطِهِ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ مُطْلَقًا، حَكَاهُ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ، الرَّابِعُ أَنَّهُ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، الْخَامِسُ أَنَّهُ مَا نَوَاهُ مِنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، وَقَدْ عَرَفْت تَوْجِيهَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>