للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مُوجِبٌ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ عِنْدَ وُقُوعِ الصِّفَةِ، سَوَاءٌ كَانَ يَمِينًا أَوْ تَعْلِيقًا مَحْضًا، وَهَذَا الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَأَتْبَاعِهِمْ.

وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ إنْ كَانَ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ لَزِمَ، وَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ وَالِالْتِزَامِ لَمْ يَلْزَمْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ، وَهَذَا اخْتِيَارُ أَبِي الْمَحَاسِنِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرِهِ.

وَالْخَامِسُ: أَنَّهُ إنْ كَانَ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ وَقَعَ، وَإِنْ كَانَ بِصِيغَةِ الْقَسَمِ وَالِالْتِزَامِ لَمْ يَقَعْ وَإِنْ نَوَاهُ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ فِي فَتَاوِيهِ.

وَالسَّادِسُ: أَنَّهُ إنْ كَانَ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ مَقْصُودَيْنِ وَقَعَ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مَقْصُودَيْنِ - وَإِنَّمَا حَلَّ بِهِ قَاصِدًا مَنْعَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ - لَمْ يَقَعْ، وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ بَعْضِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ.

وَالسَّابِعُ: كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّ فِيهِ الْكَفَّارَةَ إذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْيَمِينِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ، وَاَلَّذِي قَبْلَهُ اخْتِيَارُ أَخِيهِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ حِكَايَةُ قَوْلِ مَنْ حَكَى إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ إذَا حَنِثَ فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ، وَحَكَيْنَا لَفْظَهُ.

وَالْمَقْصُودُ الْجَوَابُ عَنْ النَّقْضِ بِتَمْلِيكِ الْمَرْأَةِ الطَّلَاقَ أَوْ تَوْكِيلِهَا فِيهِ.

وَأَمَّا قَوْلُكُمْ فِي النَّقْضِ الثَّالِثِ: " إنَّ فُقَهَاءَ الْكُوفَةِ صَحَّحُوا تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ، وَهُوَ يَسُدُّ بَابَ النِّكَاحِ " فَهَذَا الْقَوْلُ مِمَّا أَنْكَرَهُ عَلَيْهِمْ سَائِرُ الْفُقَهَاءِ، وَقَالُوا: هُوَ سَدٌّ لِبَابِ النِّكَاحِ، حَتَّى قَالَ الشَّافِعِيُّ نَفْسُهُ: أُنْكِرُهُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ مِنْ الْأَدِلَّةِ.

وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّكُمْ قُلْتُمْ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ: لَا يَصِحُّ هَذَا التَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الطَّلَاقَ الْمُنَجَّزَ فَلَا يَمْلِكُ الْمُعَلَّقَ؛ إذْ كِلَاهُمَا مُسْتَدْعٍ لِقِيَامِ مَحَلِّهِ، وَلَا مَحَلَّ، فَهَلَّا قَبِلْتُمْ مِنْهُمْ احْتِجَاجَهُمْ عَلَيْكُمْ فِي الْمَسْأَلَةِ السُّرَيْجِيَّةِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْحُجَّةِ، وَهِيَ أَنَّ الْمَحَلَّ غَيْرُ قَابِلٍ لِطَلْقَةٍ مَسْبُوقَةٍ بِثَلَاثٍ، وَكَانَ هَذَا الْكَلَامُ لَغْوًا وَبَاطِلًا فَلَا يَنْعَقِدُ، كَمَا قُلْتُمْ أَنْتُمْ فِي تَعْلِيقِ النِّكَاحِ بِالطَّلَاقِ: إنَّهُ لَغْوٌ وَبَاطِلٌ فَلَا يَنْعَقِدُ

فَصْلٌ [إذَا عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى مِلْكِهِ]

وَأَمَّا النَّقْضُ الرَّابِعُ بِقَوْلِهِ: " كُلُّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ " فَهَذَا لِلْفُقَهَاءِ فِيهِ قَوْلَانِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: إحْدَاهُمَا: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>