للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وُجُوبِ اسْتِبْرَاءِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ تُوطَأْ وَلَا يُوطَأُ مِثْلُهَا، وَبَيْنَ اسْتِبْرَاءِ الْبِكْرِ الَّتِي لَمْ يَقْرَعْهَا.

فَحْلٌ، وَاسْتِبْرَاءِ الْعَجُوزِ الْهَرِمَةِ الَّتِي قَدْ أَيِسَتْ مِنْ الْحَبَلِ وَالْوِلَادَةِ، وَاسْتِبْرَاءِ الْأَمَةِ الَّتِي يُقْطَعُ بِبَرَاءَةِ رَحِمِهَا، ثُمَّ يُسْقِطُونَ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ رَحِمَهَا مَشْغُولٌ، فَأَوْجَبْتُمُوهُ حَيْثُ لَمْ يُوجِبْهُ الشَّارِعُ، وَأَسْقَطْتُمُوهُ حَيْثُ أَوْجَبَهُ.

قَالُوا: وَلَيْسَ هَذَا بِعَجِيبٍ مِنْ تَنَاقُضِكُمْ، بَلْ وَأَعْجَبُ مِنْهُ إنْكَارُ كَوْنِ الْقُرْعَةِ طَرِيقًا لِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ مَعَ وُرُودِ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ أَصْحَابِهِ بِهَا، وَإِثْبَاتُ حَلِّ الْوَطْءِ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْ زُورٍ يَعْلَمُ الزَّوْجُ الْوَاطِئُ أَنَّهُمَا شَهِدَا بِالزُّورِ عَلَى طَلَاقِهَا حَتَّى يَجُوزَ لِأَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَيَثْبُتُ الْحِلُّ بِشَهَادَتِهِمَا.

وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ أَمَةٌ هِيَ سُرِّيَّةٌ يَطَؤُهَا كُلَّ وَقْتٍ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا لَهُ، وَلَوْ وَلَدَتْ [وَلَدًا] لَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ، وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ قَالَ بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ وَالشُّهُودِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ " هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا " وَكَانَتْ بِأَقْصَى الْمَشْرِقِ وَهُوَ بِأَقْصَى الْمَغْرِبِ صَارَتْ فِرَاشًا بِالْعَقْدِ؛ فَلَوْ أَتَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَحِقَهُ نَسَبُهُ.

وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُكُمْ: لَوْ مَنَعَ الذِّمِّيُّ دِينَارًا وَاحِدًا وَلِّ.

" لَا أُؤَدِّيهِ " انْتَقَضَ عَهْدُهُ وَحَلَّ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَلَوْ سَبَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَكِتَابَهُ عَلَى رُءُوسِنَا أَقْبَحَ سَبٍّ وَحَرَقَ أَفْضَلَ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَاسْتَهَانَ بِالْمُصْحَفِ بَيْنَ أَيْدِينَا أَعْظَمَ اسْتِهَانَةٍ وَبَذَلَ ذَلِكَ الدِّينَارَ فَعَهْدُهُ بَاقٍ وَدَمُهُ مَعْصُومٌ.

وَمِنْ الْعَجِيبِ تَجْوِيزُ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالْفَارِسِيَّةِ، وَمَنْعُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى وَمِنْ الْعَجَبِ إخْرَاجُ الْأَعْمَالِ عَنْ مُسَمَّى الْإِيمَانِ وَأَنَّهُ مُجَرَّدُ التَّصْدِيقِ، وَالنَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَتَكْفِيرُ مَنْ يَقُولُ مُسَيْجِدٌ أَوْ فَقِيهٌ، أَوْ يُصَلِّي بِلَا وُضُوءٍ، أَوْ يَلْتَذُّ بِآلَاتِ الْمَلَاهِي، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَمِنْ الْعَجَبِ إسْقَاطُ الْحَدِّ عَمَّنْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِلزِّنَا أَوْ لِكَنْسِ بَيْتِهِ فَزَنَى بِهَا، وَإِيجَابُهُ عَلَى مَنْ وَجَدَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً عَلَى فِرَاشِهِ فِي الظُّلْمَةِ فَجَامَعَهَا يَظُنُّهَا امْرَأَتَهُ.

وَمِنْ الْعَجَبِ التَّشْدِيدُ فِي الْمِيَاهِ حَتَّى تَنَجَّسَ الْقَنَاطِيرُ الْمُقَنْطَرَةُ مِنْهَا بِقَطْرَةِ بَوْلٍ أَوْ قَطْرَةِ دَمٍ، وَتَجْوِيزُ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ رُبُعُهُ مُضَمَّخٌ بِالنَّجَاسَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مُغَلَّظَةً فَبِقَدْرِ رَاحَةِ الْكَفِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>