للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمْرٍو، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرٍو قَالُوا: وَرَوَى يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ الدِّمَشْقِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ تَرْفَعُهُ «لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا مَجْلُودٍ فِي حَدٍّ، وَلَا ذِي غَمْرٍ لِأَخِيهِ، وَلَا مُجَرَّبٍ عَلَيْهِ شَهَادَةُ زُورٍ، وَلَا ظَنِينٍ فِي وَلَاءٍ أَوْ قَرَابَةٍ» .

وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا. قَالُوا: وَلِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتَهُ جُعِلَ مِنْ تَمَامِ عُقُوبَتِهِ، وَلِهَذَا لَا يَتَرَتَّبُ الْمَنْعُ إلَّا بَعْدَ الْحَدِّ، فَلَوْ قَذَفَ وَلَمْ يُحَدَّ لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَدَّ إنَّمَا زَادَهُ طُهْرَةً وَخَفَّفَ عَنْهُ إثْمَ الْقَذْفِ أَوْ رَفَعَهُ، فَهُوَ بَعْدَ الْحَدِّ خَيْرٌ مِنْهُ قَبْلَهُ، وَمَعَ هَذَا فَإِنَّمَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ بَعْدَ الْحَدِّ، فَرَدُّهَا مِنْ تَمَامِ عُقُوبَتِهِ وَحَدُّهُ وَمَا كَانَ مِنْ الْحُدُودِ وَلَوَازِمِهَا فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَلِهَذَا لَوْ تَابَ الْقَاذِفُ لَمْ تَمْنَعْ تَوْبَتُهُ إقَامَةَ الْحَدِّ عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ شَهَادَتُهُ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ مِنْ الْعَذَابِ الْعَظِيمِ، وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ وَقَالَ شُرَيْحٌ: لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ أَبَدًا، وَتَوْبَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ. وَسِرُّ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ رَدَّ شَهَادَتِهِ جُعِلَ عُقُوبَةً لِهَذَا الذَّنْبِ؛ فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَالْحَدِّ.

قَالَ الْآخَرُونَ، وَاللَّفْظُ لِلشَّافِعِيِّ: وَالثُّنْيَا فِي سِيَاقِ الْكَلَامِ عَلَى أَوَّلِ الْكَلَامِ وَآخِرِهِ فِي جَمِيعِ مَا يَذْهَبُ إلَيْهِ أَهْلُ الْفِقْهِ إلَّا أَنْ يَفْرُقَ بَيْنَ ذَلِكَ خَبَرٌ، وَأَنْبَأَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْت الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: زَعَمَ أَهْلُ الْعِرَاقِ أَنَّ شَهَادَةَ الْمَحْدُودِ لَا تَجُوزُ، وَأَشْهَدُ لَأَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ: تُبْ أَقْبَلُ شَهَادَتَك، قَالَ سُفْيَانُ: نَسِيتُ اسْمَ الَّذِي حَدَّثَ الزُّهْرِيَّ، فَلَمَّا قُمْنَا سَأَلْت مَنْ حَضَرَ، فَقَالَ لِي عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ: هُوَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، فَقُلْت لِسُفْيَانَ: فَهَلْ شَكَكْت فِيمَا قَالَ لَك؟ قَالَ: لَا هُوَ سَعِيدٌ غَيْرُ شَكٍّ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَكَثِيرًا مَا سَمِعْتُهُ يُحَدِّثُ فَيُسَمَّى سَعِيدًا، وَكَثِيرًا مَا سَمِعْتُهُ يَقُولُ: عَنْ سَعِيدٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَأَخْبَرَنِي بِهِ مِنْ أَثِقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا جَلَدَ الثَّلَاثَةَ اسْتَتَابَهُمْ، فَرَجَعَ اثْنَانِ فَقَبِلَ شَهَادَتَهُمَا، وَأَبَى أَبُو بَكْرَةَ أَنْ يَرْجِعَ فَرَدَّ شَهَادَتَهُ، وَرَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي بَكْرَةَ وَشِبْلٍ وَنَافِعٍ: مَنْ تَابَ مِنْكُمْ قَبِلْت شَهَادَتَهُ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: ثنا مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِلَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ: تُوبُوا تُقْبَلْ شَهَادَتُكُمْ، فَتَابَ مِنْهُمْ اثْنَانِ وَأَبَى أَبُو بَكْرَةَ أَنْ يَتُوبَ، فَكَانَ عُمَرُ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ.

قَالُوا: وَالِاسْتِثْنَاءُ عَائِدٌ عَلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَهُ سِوَى الْحَدِّ، فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْ الْقَاذِفِ بِالتَّوْبَةِ، وَقَدْ قَالَ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ: إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ إلَى مَا تَقَدَّمَ كُلِّهِ؛ قَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ: وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَمَكَّةَ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ، وَأَمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>