للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: فأيُّ المال أحبُّ إِليكَ؟ قال: الغنمُ. فأعطيَ شاةً والدًا. فأنتجَ هذانِ، وولَّد هذا؛ فكانَ لهذا وادٍ من الإِبلِ، ولهذا وادٍ من البقر، ولهذا واد من الغنم)). قال: ((ثمَّ إنَّه أتى الأبرص في صورته وهَيئتهِ، فقال: رجلٌ مسكينٌ قد انقطعتْ بيَ الحبالُ في سفَري، فلا بلاغَ لي اليومَ إلا بالله ثمَّ بكَ. أسألُكَ بالذي أعطاكَ اللونَ الحسنَ والجلدَ الحسنَ والمالَ، بعيرًا أتبلغُ بهِ ني سفَري. فقال: الحقوقُ كثيرةٌ. فقال: إنَّه كإني أعرِفُكَ، ألم تكنْ أبرصَ يقذَرُكَ الناسُ، فقيرًا فأعطاكَ الله مالاً؟ فقال: إنَّما ورِثتُ هذا المالَ كابرًا عن كابرٍ، فقال: إِنْ كنتَ كاذِبًا، فصيَّركَ اللهُ إلي ما كنتَ)). قال: ((وأتى الأقرعَ في صورته، فقال له مثلَ ما قال لهذا، وردَّ عليه مثلَ ماردَّ علي هذا، فقال: إنْ كنتَ كاذِبًا فصيَّركَ الله إلي ماكنتَ)). قال: ((وأتى الأعمى في صورته وهيئِتِه، فقال: رجلٌ مسكينٌ وابنُ سبيلٍ، انقطعت بي الحِبالُ في سفَري، فلا بلاغَ ليَ اليومَ إلا بالله ثمَّ بكَ. أسألُكَ بالذي ردَّ عليكَ بصركَ، شاةٌ أتبلغُ بها ني سفري. فقال: قد ْكنتُ أعمى فردَّ اللهُ إِليَّ بصري، فخُذْ ما شئتَ ودعْ ماشئتَ؛ فو الله لا أجهدُكَ اليوم بشيءٍ أخذتَه لله. فقال: أمسِكْ مالَكَ، فإِنَّما ابتُليتُم؛ فقدْ رُضِيَ عنكَ. وسخِطَ علي صاحِبيكَ)). متفق عليه.

ــ

قوله: ((انقطعت بى الحبال)) الباء للتعدية. ((الحبال)) جمع حبل، وهو العهد، والأمان، والوسيلة، وكل ما يرجو منه خيرًا وفرجًا، أو يستدفع به ضررًا. والحبل هنا السبب، فكأنه قال: انقطعت بى الأسباب. والبلاغ: الكفاية، قال الله تعالي: {إن في هذا لبلاغًا لقوم عابدين}. والباء في ((بالله)) متصل بـ ((بلاغ)) أي ليس ما ما أبلغ به غرضي إلا بالله، و ((ثم)) في قوله: ((ثم بك)) للمرتبة في التنزل لا للترقى. وهذا وأمثاله من الملائكة معاريض في الكلام لا إخبار كما في قول إبراهيم: ((هذا ربى، وإنى سقيم، وهي أختى)) وقول الملائكة لداود {إن هذا أخى له تسع وتسعون نعجة} والباء في قوله: ((بالذي)) للقسم، والاستعطاف، أي أسالك بحق الذي، أو متوسلا بالذي، و ((بعيرًا)) مفعول ((أسالك)). قوله: ((كابرًا عن كابر)) حال، يقال: هو كبر قومه، أكبرهم في السن والرياسة، أو في النسب، وورثوا المجد كابرًا عن كابر.

قوله: ((إن كنت كاذبًا)) هذا الشرط ليس علي حقيقته؛ لأن الملك لم يشك في كذبه بل هو مثل قول العامل إذا تسوف في عمالته: إن كنت عملت فأعطنى حقى. فعلي هذا تصييره علي ما

<<  <  ج: ص:  >  >>