١٣٣٣ - عن أنس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلي الظهر بالمدينة أربعاً، وصلي العصر بذي الحليفة ركعتين. متفق عليه.
١٣٣٤ - وعن حارثة بن وهب الخزاعي، قال: صلي بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أكثر ما كنا قط وآمنه بمنى، ركعتين. متفق عليه.
ــ
باب صلاة السفر
الباب الأول
الحديث الأول والثاني عن حارثة: قوله: ((أكثر ما كنا قط)) الجوهري: ((قط)) للماضي من الزمان يقول: ((قط ما فارقتك)). ((مظ)) ((ما)) مصدرية، ومعناه الجمع، لأن ما أضيف إليه أفعل يكون جمعاً. و ((آمنه)) عطف علي ((أكثر)) والضمير فيه راجع إلي ((ما)) والواو في قوله ((نحن)) للحال، والمعنى: صلي بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحال أنا أكثر أكواننا في سائر الأوقات عدداً، وأكثر أكواننا في سائر الأوقات أمنا، وإسناد الأمن إلي الأوقات مجاز.
((شف)): وعلي هذا ((قط)): متعلق بمحذوف، لأن ((قط)) يختص بالماضي المنفي، ولا منفي هاهنا. تقديره: ما كنا أكثر من ذلك، ولا آمنه قط. ويجوز أن يكون ((ما)) نافية خبر المبتدأ، و ((أكثر)) منصوباً علي خبر ((كان)). والتقدير: ونحن ما كنا قط في أكثر منا في ذلك الوقت، ولا آمن منا فيه. ويجوز إعمال ما بعد ((ما)) فيما قبلها ذا كانت بمعنى ليس، فكما يجوز تقديم خبر ((ليس)) عليه يجوز تقديم خبر ((ما)) في معناه عليه. ويحتمل أن يكون ((وآمنه)) فعلاً ماضياً، وضمير الفاعل مضافاً إلي الله تعالي، وضمير المفعول إلي النبي صلى الله عليه وسلم، أي وأمن الله تعالي نبيه صلى الله عليه وسلم حينئذ.
أقول: هذا علي أن يكون ((أكثر)) خبر ((كان))؛ إذ لا يستقيم أن يعطف ((وآمنه)) علي ((أكثر)) وهو متعسف جداً، والوجه هو الأول. وفي الحديث دليل علي جواز القصر في السفر من غير خوف، وإن دل ظاهر قوله تعالي:((إن خفتم)) علي الاختصاص؛ لأن ما في الحديث رخصة، وما في الآية عزيمة، يدل عليه ما في الحديث الذي يليه من قوله صلى الله عليه وسلم:((صدقة تصدق الله بها عليكم)) وفيه تعظيم شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أطلق ما قيده الله تعالي، ووسع علي عباد الله، ونسب فعله إلي الله تعالي؛ لأنه خيرة الله تعالي في خلقه.