للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٢) باب الوسوسة]

الفصل الأول

٦٣ - عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله [تعالى] تجاوز عن أمتي ما وسوست به صدورها، ما لم تعلم به أو تتكلم)). متفق عليه.

ــ

باب في الوسوسة

الفصل الأول

الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((تجاوز عن أمتي)) قال في المغرب: الوسوسة الصوت الخفي، ومنها وسواس الحلي لأصواتها. وقال الليث: الوسوسة حديث النفس؛ وإنما قيل موسوس؛ لأنه يحدث بما في ضميره، والوسواس اسم بمعنى الوسوسة، كالزلزال بمعنى الزلزلة. والمراد به الشيطان في قوله: {مِن شَرِّ الوَسْوَاسِ} كأنه وسوسه في نفسه. وقيل: ما يظهر في القلب من الخواطر - إن كانت تدعوه إلى الرذائل والمعاصي يسمى وسوسه، وإن كانت تدعو إلى الخصائل المرضية والطاعات تسمى إلهاما.

اعلم أن الوسوسة ضرورية، واختبارية، فالضرورية: ما يجري في الصدر من الخواطر ابتداء، ولا يقدر الإنسان على دفعه، فهو معفو عن جميع الأمم، قال الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَاّ وسْعَهَا}. والاختيارية هي التي تجري في القلب وتستمر، وهو يقصد أن يعمل به ويتلذذ منه، كما يجري في قلبه حب امرأة ويدوم عليه، ويقصد الوصول إليها، وما أشبه ذلك من المعاصي، فهذا النوع عفا الله عن هذه الأمة خاصة، تشريفا وتكريما لنبينا عله الصلاة والسلام وأمته، وإليه ينظر قوله تعالى: {ولا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا}.

وأما العقائد الفاسدة، ومساوئ الأخلاق وما ينضم إلى ذلك؛ فإنها بمعزل عن الدخول في جملة ما وسوست به الصدور. قال صاحب النهاية: روي: ((ما حدثت به أنفسها)) بدل ((وسوست)) و ((أنفسها)) نصب على المفعول به، ويجوز الرفع على الفاعل.

((تو)): ويؤيد هذه الراية قول الرجل في حديث آخر: ((إن أحدنا يحدث نفسه)) وفي آخر ((إني أحدث نفسي)) وأهل اللغة يرفعون السين أي بغير اختيار، والفتح أسد وأصوب؛ لأن

<<  <  ج: ص:  >  >>