٥٠٦٨ - عن عائشة [رضي الله عنها] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه)). رواه مسلم. وفي رواية له: قال لعائشة: ((عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش، إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه)).
ــ
باب الرفق والحياء وحسن الخلق
الفصل الأول
الحديث الأول عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((إن الله رفيق)) ((قض)): الرفق ضد العنف وهو اللطف وأخذ الأمر بأحسن الوجوه وأيسرها. ومعنى ((إن الله تعالى رفيق)) أنه لطيف بعباده يردي بهم اليسر ولا يريد بهم العسر، والظاهر أنه لا يجوز إطلاقه على الله تعالى اسما؛ لأنه لم يتواتر ولم يستعمل هاهنا أيضاً على قصد الاسمية. وإنما أخبر به عنه تمهيداً للحكم الذي بعده، وكأنه قال: إن الله يرفق بعباده في أمورهم فيعطيهم بالرفق ما لا يعطيهم على ما سواه. وإنما ذكر قوله:((وما لا يعطي على ما سواه)) بعد قوله: ((ما لا يعطي على العنف)) ليدل على أن الرفق أنجح الأسباب كلها وأنفعها بأسرها، انتهى كلامه وفي معناه قول الشاعر:
يا طالب الرزق الهني بقوة هيهات أنت بباطل مشغوف
أكل العقاب بقوة جيف الفلا ورعى الذباب الشهد وهو ضعيف
المعنى: لا ينبغي للمرء أن يحرص في رزقه، بل يكله إلى الله تعالى الذي تولى القسمة في خلقه؛ فالنسر يأكل الجيفة بعنفه، والنحل يرعى الشهد برفقه.
((تو)): فإن قيل: فما معنى قوله: ((أنت الرفيق والله الطبيب))؟ قلت: الطبيب الحاذق بالشيء الموصوف، ولم يرد بهذا القول نفي هذا الاسم عمن يتعاطى ذلك، وإنما حول المعنى من الطبيعة إلى الشريعة، وبين لهم أن الذي يرجون من الطبيب فالله فاعله، والمنان به على عباده، وهذا كقوله:((فإن الله هو الدهر)) وليس الطبيب بموجود في أسماء الله سبحانه ولا رفيق فلا يجوز أن يقال في الدعاء: يا طبيب! ولا يا رفيق!.
((مح)): قال المازري: لا يوصف الله سبحانه إلا بما سمى نفسه أو سماه به رسوله