١٩٢٩ - عن أبي هريرةَ، وحكيمِ بنِ حزامٍ، قالا: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((خيرُ الصَّدقةِ ما كانَ عنْ ظهْرِ غِنىً، وابدَأْ بمنْ تَعولُ)). رواه البخاريّ ورواه مسلم عن حكيمٍ وحدَه.
١٩٣٠ - وعن أبي مسعودٍ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((إِذا أنفقَ المسلمُ نفقةً علي أهلِه، وهوَ يحتسبُها، كانتْ له صدقةً)). متفق عليه.
١٩٣١ - وعن أبي هريرةَ، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((دينارٌ أنفقته في سبيل اللهِ، ودينارٌ أنفقتَه في رقَبةٍ، ودينارٌ تصدَّقتَ بهِ علي مسكينٍ، ودينارٌ أنفقَته علي أهلكَ؛ أعظمُها أجراً الذي أنفقتَه علي أهلِكَ)) رواه مسلم.
ــ
باب أفضل الصدقة
الفصل الأول
الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((عن ظهر غنى)) ((نه)): أي ما كان عفواً قد فضل عن ظهر غنى. والظهر زائد في مثل هذا إشباعاً للكلام وتمكيناً، كأن صدقته مستندة إلي ظهر قوى من المال. ((حس)): أي غنى يعتمده ويستظهر به علي النوائب التي تنويه.
((تو)): هو مثل قولهم: هو علي ظهر سير، وراكب متن السلامة، وممتط غارب العز، ونحو ذلك من الألفاظ التي يعبر بها عن التمكن من الشيء والاستواء عليه، والتنكير فيه للتفخيم.
أقول: استعير الصدقة للإنفاق حثاً عليه ومسارعة فيما يرجى منه جزيل الثواب، ومن ثم أتبعه بقوله:((وابدأ بمن تعول)) قرينة للاستعارة، فيشمل النفقة علي العيال وصدقتي الواجب، والتطوع، وأن يكون ذلك الإنفاق من الربح لا من صلب المال كما سبق. فعلي هذا كان من الظاهر أن يؤتي بالفاء فعدل إلي الواو، ومن الجملة الإخبارية إلي الإنشائية تفويضاً للترتيب إلي الذهن، واهتماماً بشأن الإنفاق، وأن كل من تمكن من ذلك مأمور بالبدء، والبدء يقتضي أموراً تنتهي إلي الغاية، ويؤيد تأويل الصدقة بالإنفاق سرد الأحاديث بعده في هذا المعنى.
الحديث الثاني والثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه:((قوله: ((دينار)) مبتدأ ((أنفقته)) صفته، وما بعده معطوف عليه، والخبر جملة قوله:((أعظمها أجراً الذي)) إلي آخره.