بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بالله)) رواه أبو داود. [٤٥٩١]
[(٢) باب الكهانة]
الفصل الأول
٤٥٩٢ - عن معاوية بن الحكم، قال: قلت: يا رسول الله! أمورا كنا نصنعها في الجاهلية، كنا نأتي الكهان. قال:((فلا تأتوا الكهان)) قال: قلت: كنا نتطير. قال:((ذلك شيء يجده أحدكم في نفسه، فلا يصدنكم)) قال: قلت: ومن رجال يخطون. قال:((كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك)) رواه مسلم.
ــ
ذلك على ما ينصف من نفسه فيذعن للحق ويقبله. فقوله:((أحسنها الفأل)) إطماع له في الاستماع والقبول. وقوله:((لا يرد المسلم)) تعريض بأن الكافر بخلافه. وإيراد الدعاء في صورة الحصر تصريح بأنها لا تجلب نفعا ولا تدفع ضرا، ويعد من يعتقدها سفيها مشركا.
باب الكهانة
الكهانة مصدر كهن، والكاهن هو الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان، ويدعي معرفة الأسرار. وقد كان في العرب كهنة كشق وسطيح وغيرهما. فمنهم من كان يزعم أن له تابعا من الجن، ورئيا يلقى إليه الأخبار. ومنهم من كان يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله. وهذا يخصونه باسم العراف كالذي يدعي معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما.
الفصل الأول
الحديث الأول عن معاوية: قوله: ((أمورا)) منصوب على شريطة التفسير، وفائدته التفخيم؛ لأن البيان بعد الإبهام أوقع في النفس. وقوله:((ذلك شيء يجده أحدكم)) نفي للتطير بالبرهان، وهو أبلغ [من أن لو] قال: لا تطيروا، كما قال:((فلا تأتوا الكهان)) يعن لا تطير؛ فإن الطيرة لا وجود لها، بل هي شيء يوجد في النفوس البشرية، وما يعتري الإنسان من قبل الظنون من غير أن يكون له فيه ضرر. وقوله:((فلا يصدنكم)) من باب ((لا أرينك ها هنا)) فإنه نفي ما يجد في النفس عن الصد. وفي الحقيقة المنهي هم المخاطبون عن التعرض له.
وقوله:((ومنا رجال يخطون)) قد غير النسق في التفصيل؛ ليدل به على امتياز أولئك الرجال الذين خطوا من الأمور العامة. ومنه قول الحماسي: