٣٥٣٣ - عن عكرمة، قال: أتي علي بزنادقة، فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس، فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تعذبوا بعذاب الله)) ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من بدل دينه فاقتلوه)) رواه البخاري.
ــ
أنا أبو النجم وشعري شعري
يعني ليس لنا شاهدان وهم أدهي وأنكر من أن يباشروا قتل المسلمين بما يؤاخذون.
وقوله:((وقد يجترئون علي أعظم من هذا)) يعني من أهل النفاق ومخادعة الله ورسوله، وقتل الأنبياء بغير حق وتحريف الكلم عن مواضعه. والله أعلم بالصواب.
باب قتل أهل الردة والسعادة بالفساد
الفصل الأول
الحديث الأول عن عكرمة: قوله: ((بزنادقة)) ((قض)): الزنادقة قوم من المجوس يقال لهم: الثنوية، يقولون بمبدأين: أحدهما النور وهو مبدأ الخيرات، والثاني الظلمة وهو مبدأ الشرور.
ويقال: إنه معرب مأخوذ من الزند، وهو كتاب بالفهلوية كان لزرادشت المجوسي، ثم استعمل لكل ملحد في الدين. وجمعه الزنادقة والهاء فيه بدل الياء المحذوفة، فإن أصله زناديق.
والمراد به قوم ارتدوا عن الإسلام؛ لما أورد أبو داود في كتابه: أن عليا رضي الله عنه أحرق ناسا ارتدوا عن الإسلام.
وقيل: قوم من السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ، أظهر الإسلام ابتغاء للفتنة وتضليلا للأمة، فسعى أولا في إثارة الفتنة علي عثمان، حتى جرى عليه ما جرى، ثم انصرف إلي الشيعة واخذ في تضليل جهالهم حتى اعتقدوا أن عليا رضي الله عنه هو المعبود، فعلم بذلك علي فأخذهم واستتابهم فلم يتوبوا، فحفر لهم حفرا وأشعل النار فيها، ثم أمر بأن يرمى بهم فيها.
والإحراق بالنار وإن نهي عنه كما ذكر ابن عباس رضي الله عنهما، لكن جوز للتشديد بالكفار والمبالغة في النكاية والنكال كالمثلة.
أقول: فإن قلت: ((ولقتلهم)) عطف علي جواب ((لو)) فلم أتى باللام في الثاني وعدل عن الأول؟ قلت: فيه وجهان، أحدهما: أن ((لو)) لما لم تكن مخلصة للشرط كإن ولا عاملة قبلها، وإنما سرى فيها معنى الشرط اتفاقا من حيث تعليق أحد الأمرين بالآخر، افتقرت في الجواب إلي ما ينصب علما علي هذا التعليق وهو اللام. فإذا حذفت بعد ذلك لم يبال بإسقاطه استغناء