للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[(٨) باب الإنذار والتحذير]

الفصل الأول

٥٣٧١ - عن عياض بن حمار المجاشعي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته: ((ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا: كل مال نحلته عبدا حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين، فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، وإن

ــ

وقوله: ((إلا فشا فيهم الدم)) وذلك لأن حكم من حكم بغير حق فقد ظلم، ومن ظلم فقد أفسد. ومن أفسد، فقد أفضى به الأمر إلى أن يهلك الحرث والنسل، والله لا يحب الفساد. ((نه)): والختر الغدر، يقال ختر يختر فهو خاتر، وختار للمبالغة.

[باب الإنذار والتحذير]

الفصل الأول

الحديث الأول عن عياض: قوله: ((كل مال نحلته)) ((قض)): هو حكاية ما علمه الله تعالى وأوحى إليه في يومه ذا، أو المعنى ما أعطيت عبدا من مال فهو حلال له، ليس لأحد أن يحرم عليه، ويمنعه عن التصرف فيه تصرف الملاك في أملاكهم. وليس لقائل أن يقول: هذا يقتضي أن لا يكون الحرام رزقا؛ لأن كل رزق ساقه الله تعالى إلى عبد فقد نحله وأعطاه، وكل ما نحله وأعطاه فهو حلال، فيكون كل رزق رزقه الله إياه فهو حلال، وذلك يستلزم أن يكون كل ما ليس بحلال ليس برزق؛ لأنا نقول: الرزق أعم من الإعطاء؛ لأن الإعطاء يتضمن التمليك.

ولذلك قال الفقهاء: لو قال الرجل لامرأته: إن أعطيتيني ألفا فأنت طالق، فأعته بانت، ودخل الألف في ملكه، ولا كذلك الرزق. ((وإني خلقت عبادي حنفاء))، أي مستعدين لقبول الحق، والحنف عن الضلال مبرءين عن الشرك والمعاصي، وهو في معنى قوله: ((كل مولود يولد على الفطرة)) ((فاجتالتهم عن دينهم))، أي جالت الشياطين بهم وساقتهم إليها، افتعال من الجولان.

((ما لم أنزل به سلطانا)) مفعول ((يشركوا)) يريد به الأصنام وسائر ما عبد من دون الله، أي أمرتهم بالإشراك بالله بعبادة ما لم يأمر الله بعبادته، ولم ينصب دليلا على استحقاقه للعبادة. ثم ((نظر إلى أهل الأرض)) أي رآهم ووجدهم متفقين على الشرك منهمكين في الضلالة، إلا بقايا من اليهود والنصارى، تبرءوا عن الشرك وعضوا على التوحيد والدين الحق. ((فمقتهم)) أي أبغضهم لسوء اعتقادهم وخبث صنيعهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>