٥٣٧٠ - عن ابن عباس، قال:((ما ظهر الغلول في قوم إلا ألقى الله في قلوبهم الرعب، ولا فشا الزنا في قوم إلا كثر فيهم الموت، ولا نقص قوم المكيال إلا قطع عنهم الرزق، ولا حكم قوم بغيرحق إلا فشا فيهم الدم، ولا ختر قوم بالعهد إلا سلط عليهم العدو)). رواه مالك. [٥٣٧٠]
ــ
والرواية في ((الآكلة)) بالمد على نعت ((الفئة)) أو الجماعة أو نحو ذلك، كذا روي لنا عن أبي داود، وهذا الحديث من أفراده. والغثاء بالضم والمد وبالتشديد أيضا، ما يحمله السيل من القماش شبههم بذلك لقلة عنائهم ودناءة قدرهم وخفة أحلامهم. وقول القائل:((وما الوهن؟)) سؤال عن نوع الوهن، أو كأنه أراد من أي وجه يكون ذلك الوهن؟ فقال:((حب الدنيا)) يريد أن حب البقاء في الدنيا وكراهية الموت يدعوهم إلى إعطاء الدنية في الدين واحتمال الذل عن العدو، نسأل الله العافية فقد ابتلينا به وكأنه نحن المعنيون بذلك. قوله:((ومن قلة)) خبر مبتدأ محذوف. و ((نحن يومئذ)) مبتدأ وخبر صفة لها، أي ذلك التداعي لأجل قلة نحن عليها يومئذ ..
الفصل الثالث
الحديث الأول عن ابن عباس رضي الله عنهما: قوله: ((إلا ألقى الله في قلوبهم الرعب)) رتب إلقاء الرعب على الوصف المناسبن وهو الغلول على الكناية التلويحية؛ فإن إلقاء الرعب مشعر بظفر العدو عليهم، وهو مشعر بأن تكون أموالهم غنيمة للعدو، فيلزم منه أن يكون كاله فيئا للأعداء. ورتب كثرة الموت على فشو الزنا وكثرتها؛ وذلك أن النكاح إنما شرع لغرض التوالد والتناسل، والزنا يفضي إلى قطعهما، فلما سعى الزاني في إبطال ذلك الغرض الصحيح بفعله، جوزي بإبطال ذاته بضمها الغرض الصحيح. فالموت على هذا عبارة عن قطع التوالد والتناسل.
وقريب منه ما قال صاحب الكشاف في قوله تعالى:{فَإنْ خِفْتُمْ أَلَاّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وهو هذا. فإن قلت كيف يقل عيال من تسري وفي السراري نحو ما في المهائر؟ قلت ليس كذلك؛ لأن الغرض بالتزوج التوالد والتناسل بخلاف التسري؛ ولذلك جاز العزل عن السراري بغير إذنهن، فكان التسري مظنة لقلة الولد بالإضافة إلى التزوج، كتزوج الواحدة بالإضافة على تزوج الأربع.