٥٨٥٢ - عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه، فصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظُّ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم، ثم لأمه وأعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه - يعني ظئره - فقالوا: إن محمدًا قد قُتل، فاستقبلوه وهو منتقعُ اللون قال أنس: فكنت أرى أثر المخيط في صدره رواه مسلم.
٥٨٥٣ - وعن جابر بن سمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلم عليَّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن)). رواه مسلم.
ــ
((قضيت جواري)): بالكسر أي اعتكافي.
باب علامات النبوة
الفصل الأول
الحديث الأول عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((ثم لأمه)) ((تو)): تقول: لأمت الجرح والصدع إذا سددته فالتأم، يريد أنه سواه وأصلحه.
ويقال: انتقع لونه، إذا تغير من جنون أو فزع، وكذلك ((امتقع)) بالميم.
وهذا الحديث وأمثاله مما يجب فيه التسليم ولا يتعرض له بتأويل من طريق المجاز والاتساع إذ لا ضرورة في ذلك، إذ هو خبر صادق مصدوق عن قدرة القادر.
قوله:((هذا حظ الشيطان منك)) قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان بشرًا متعلقًا [عما انعلق عنه] سائر البشر، ولا ينكر هذا لقوله تعالى:{قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلى} والعلقة في الإنسان أصل المفاسد والمعاصى، ولذلك قال جبريل عليه السلام بعد ما أخرجها:((هذا حظ الشيطان منك)) فعصمه من آفته وطغمه، كما أسلم له شيطانه على يده، قدر الله تعالى في سابقة لطفه أن يخرج حظ الشيطان منه، فجعله قدسيًّا طاهر الأصل والعنصر منور القلب مقدس الجسم مستعدًا لقبول الوحي السماوي والفيض الإلهي، لا تتطرق إليه هواجس النفس.