للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٨٥٤ - وعن أنس قال, إن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية, فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما. متفق عليه.

٥٨٥٥ - وعن ابن مسعود, قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين: فرقة فوق الجبل, وفرقة دونه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اشهدوا)) متفق عليه.

ــ

قوله: ((إني لأعرفه الآن)) تقرير لقوله: ((إني لأعرف حجرًا بمكة)) واستحضار له في مشاهدته وكأنه يسمع سلامه الآن.

الحديث الثالث عن أنس رضي الله عنه:

قوله: {فأراهم القمر} قال الزجاج: زعم قوم – عدلوا عن القصد وما عليه أهل العلم – أن تأويله أن القمر ينشق يوم القيامة, والأمر بين في اللفظ لقوله: {وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر} فكيف يكون هذا في يوم القيامة؟؛ لأن معنى قوله: {سحر مستمر} مطرد, يدل على أنهم رأوا قبله آيات أخرى مترادفة ومعجزات سابقة.

وقال الإمام فخر الدين الرازي: إنما ذهب المنكر إلى ما ذهب؛ لأن الانشقاق أمر هائل, ولو وقع لعم وجه الأرض وبلغ مبلغ التواتر.

والجواب: أن الموافق قد نقله وبلغ مبلغ التواتر, وأما المخالف فربما ذهل أو حسب أنه نحو الخسوف, والقرآن أولى دليل وأقوى شاهد, وإمكانه لا شك فيه, وقد أخبر عنه الصادق فيجب اعتقاد وقوعه وأما امتناع الخرق والالتئام فحديث اللئام.

((مح)): قالوا: إنما هذا الانشقاق حصل في الليل ومعظم الناس نيام غافلون, والأبواب مغلقة, وهم متغطون بثيابهم, فقل من يتفكر في السماء وينظر إليها.

((حس)): هذا شيء طلبه قوم خاص على ما حكاه أنس, فأراهم ذلك ليلا وأكثر الناس نيام ومستكنون في الأبنية, والأيقاظ في البوادي والصحاري قد يتفق أن يكونوا مشاغيل في ذلك الوقت, وقد يكسف القمر فلا يشعر به كثير من الناس, وإنما كان ذلك في قدر اللحظة التي هي مدرك البصر, ولو دامت هذه الآية حتى يشترك فيها العامة والخاصة ثم لم يؤمنوا لاستؤصلوا بالهلاك, فإن من سنة الله تعالى في الأمم قبلنا أن نبيهم كان إذا أتى بآية عامة يدركها الحس فلم يؤمنوا أهلكوا، كما قال الله تعالى في المائدة: {إنى منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإنى أعذبه عذابًا لا أعذبه أحدًا من العالمين} فلم يظهر الله هذه الآية للعامة لهذه الحكمة. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>