٥٨٥٦ - وعن أبي هريرة، قال: قال أبو جهل: هل يُعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ فقيل: نعم فقال: واللات والعزى لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته, فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي – زعم ليطأ على رقبته – فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه, ويتقي بيديه, فقيل له مالك, فقال: إن بيني وبينه لخندقًا من نار وهولا, وأجنحة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا)) رواه مسلم.
٥٨٥٧ - وعن عدي بن حاتم, قال: بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا آتاه رجلٌ فشكا إليه الفاقة, ثم آتاه الآخر فشكا إليه قطع السبيل. فقال: ((يا عدي! هل رأيت الحيرة؟ فإن
ــ
الحديث الرابع والخامس عن أبي هريرة رضي الله عنه:
قوله: ((هل يعفر؟)) يريد به سجوده على التراب، وإنما آثر التعفير على السجود تعنتًا وعنادًا وإذلالا وتحقيرًا.
قوله: ((زعم)) وقع حالا من الفاعل بعد حال من المفعول, وزعم بمعنى طمع وأراد.
قال في أساس البلاغة: ومن المجاز: زعم فلان في غير مزعم, طمع في غير مطمع, لأن الطامع زاعم ما لم يستيقن.
قوله: ((إلا وهو ينكص)) المستثنى فاعل ((فجيء)) أي: فما فجيء في أصحاب أبي جهل من أمر إلا نكوص عقبيه, وقد سد الحال ها هنا مسد الفاعل, كما سدت مسد الخبر في قوله صلى الله عليه وسلم: ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)) وفيه إرخاء عنان الكلام للمعنى لا للفظ, ويحتمل أن يكون الضمير المستتر في ((فجئهم)) لأبي جهل. والمجرور في ((منه)) للأمر, أي: ما فجيء أبو جهل وأصحابه من الأحوال إلا هذه الحالة.
والهول: الخوف والأمر الشديد, وقد هاله يهوله فهو هائل.
والخطف: استلاب الشيء وأخذه بسرعة.
الحديث السادس عن عدي رضي الله عنه:
قوله: ((هل رأيت الحيرة؟)) ((نه)): الحيرة بكسر الحاء البلد القديم بظهر الكوفة, ومحلة معروفة بنيسابور.
والظعينة: المرأة، قيل لها ذلك لأنها تظعن مع الزوج حيثما ظعن, أو لأنها تحمل على الراحلة إذا ظعنت.