طالت بك حياةٌ فلترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدًا إلا الله, ولئن طالت بك حياةٌ لتفتحن كنوز كسرى, ولئن طالت بك حياةٌ لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله فلا يجد أحدًا يقبله منه, وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له, فليقولن ألم أبعث إليك رسولا فيبلغك؟ فيقول: بلى, فيقول: ألم أعطك مالا وأفضل عليك؟ فيقول: بلى فينظر عن يمينه فلا يرى إلاجهنم, وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم, اتقوا النار ولو بشق تمرة. فمن لم يجد فبكلمة طيبة)) قال عديٌّ: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله, وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز, ولئن طالت بكم حياةٌ لترون ما قال النبي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: ((يخرج ملء كفه)). رواه البخاري.
٥٨٥٨ - وعن خباب بن الأرت, قال: شكونا إلى النبي صلى الله عليه وسلم, وهو متوسد بردة في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة, فقلنا: ألا تدعو الله, فقعد وهو محمرٌ وجهه وقال: ((كان الرجل فيمن كان قبلكم يحفر له في الأرض, فيجعل فيه, فيجاء بمنشار, فيوضع فوق رأسه فيشق نصفين. فما يصُده ذلك عن دينه. ويمشط بأمشاط
ــ
وقيل: الظغينة المرأة في الهودج, ثم قيل للهودج بلا امرأة وللمرأة بلا هودج: ((ظعينة))
قوله: ((وأفضل عليك)) أي أحسن إليك بمعنى أعطيتك المال ومكنتك من إنفاقه والاستمتاع منه.
فإن قلت: ما وجه نظم هذا الحديث؟
قلت: لما اشتكى الرجل الفاقة والخوف وهو العسر المعني في قوله تعالى: {إن مع العسر يسرا} وهو ما كانت الصحابة عليه قبل فتح البلاد, أجاب عن السائل في ضمن بشارة لعدي وغيره من الصحابة باليسر والأمن, ثم بين أن هذا اليسر والغنى الدنيوي عسر في الآخرة وندامة, إلا من وفقه الله تعالى بأن يسلطه على إنفاقه فيصرفه في مصارف الخير, ونظيره حديث علي رضي الله عنه: ((كيف بكم إذا غدا أحدكم في حلة, وراح في حلة, ووضعت بين يديه صحفه؟ .. إلى قوله-: لأنتم اليوم خير منكم يومئذ؟)) وقد سبق في باب: تغير الناس.