للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الآداب]

[(١) باب السلام]

الفصل الأول

٤٦٢٨ - عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خلق الله آدم على صورته، طول ستون ذراعاً، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك النفر- وهم نفر من الملائكة جلوس- فاستمع ما يحبونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فذهب فقال:

ــ

[كتاب الآداب]

المغرب: الآداب: أدب النفس وقد أدب فهو أديب، وأدبه غيره فتأدب واستأدب. وتركيبه يدل على الجمع والدعاء. ومنه الأدب وهو أن يجتمع الناس إلى طعامك وتدعوهم.

ومنه قيل للصنيع مأدبة كما قيل له مدعاة: ومنه الآدب، لأنه يأدب الناس إلى المحامد أي يدعوهم إليها. عن الزهيري وعن أبي زيد: الأدب اسم يقع على رياضة محمودة يتخرج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل.

الفصل الأول

الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((على صورته)) الهاء مرجعها إلى آدم عليه السلام))، والمعنى: أن ذرية آدم خلقوا أطواراً في مبدأ الخلق، نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم صاروا صوراً أجنة إلى أن تتم مدة الحمل، فيولدون أطفالا وينشئون صغاراً إلى أن يكبروا، فيتم طول أجسادهن. يقول: إن آدم لم يكن خلقه على هذه الصفة، ولكنه أول ما تناولته الخلقة وجد خلقاً تاما طوله ستون ذراعاً.

وقال الشيخ التوربشتي: هذا كلام صحيح في موضعه، فأما في تأويل هذا الحديث إنه غير سديد، لما في حديث آخر: ((خلق آدم على صورة الرحمن) ولما في غير هذه الرواية: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم رأي رجلا يضرب وجه غلام، فقال: ((لا تضرب الوجه؛ فإن الله خلق آدم على صورته)). والمعنى الذي ذهب إليه هذا المؤول لا يلاءم هذا القول.

وأهل الحق في تأويل ذلك على طبقتين: إحداهما: المتنزهون عن التأويل مع نفي التشبيه وعدم الركون إلى مسميات الجنس، وإحالة المعنى فيه إلى علم الله تعالى الذي أحاط بكل شيء علما، وهذا ((أسلم الطريقين. والطبقة الأخرى يرون الإضافة فيها إضافة تكريم وتشريف.

وذلك أن الله تعالى خلق آدم أبا البشر على صورة لم يشاكلها شيء من الصور والجمال والكمال وكثرة ما احتوت عليه من الفوائد الجليلة، فاستحقت الصورة البشرية أن تكرم ولا تهان، اتباعا لسنة الله تعالى فيها وتكريماً لما كرمه.

أقول: تأويل أبي سليمان للحديث في هذا المقام سديد يجب المصير إليه؛ لأن قوله: ((طوله))

<<  <  ج: ص:  >  >>