١٧٦٢ - عن بُريدةَ، قال: قال رسول الله عليه وسلم: ((نهيتُكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتُكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم، ونهيتُكم عن النَّبيذِ إلَاّ في سقاءٍ فاشربوا في الأسقيةِ كلها ولا تشربوا مُسكراً)). رواه مسلم.
١٧٦٣ - وعن أبي هريرة، قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكي وأبكي من حوله، فقال:((استأذنت ربي في أن استغفر لها، فلم يُؤْذَنْ لي، واستأذنتُه في أنْ أزورَ قبرَها فأذِنَ لي؛ فزوروا القُبورَ فإنَّها تُذكرُ الموتَ)). رواه مسلم.
ــ
باب زيارة القبور
الفصل الأول
الحديث الأول عن بريدة رضي الله عنه: قوله: ((نهيتكم عن زيارة القبور)) ((حس)): زيارة القبور مأذون فيها للرجال، وعليه عامة أهل العلم، واما النساء فقد روي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((لعن الله زوارات القبور)) فرأي بعض أهل العلم أن هذا كان قبل ان يرخص في زيارة القبور، فلما رخص عمت الرخصة لهن فيه. أقول ((الفاء)) متعلق بمحذوف أي نهيتكم عن زيارة القبور مباهاة بتكاثر الموات، فعل الجاهلية، واما الآن فقد دحا الإسلام، وهدمت قواعد الشرك، فزوروها، فإنها تورث رقة القلوب، وتذكر الموت والبلي، وغير ذلك من الفوائد. وعلي هذا النسق الفاءان في ((فأمسكوا)) و ((فاشربوا)).
قوله:((نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء)) أي قربة، وذلك ان السقاء يبرد الماء، فلا يشتد ما يقع فيه اشتداد مافي الظروف والأوإني، فيصير خمراً. والحاصل: أن المنهي عنه هو المسكر لا الظروف بعينها، كما قال:((نهاهم عن أربع: الحنتم، والدباء، والنقير، والمزفت)) أو كما قال.
الحديث الثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي)). ذكر ابن الجوزي في كتاب الوفاء: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أبيه كان مع أمه آمنة، فلما بلغ ست سنين خرجت به إلي أخوالها بني عدي بن النجار بالمدينة تزورهم، ثم رجعت به إلي مكة، فلما كانوا بالأبواء، توفيت، فقبرها هناك. وقيل: لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، زار قبرها بالأبواء ثم قام مستعبراً فقال: ((إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي، فاستأذنته في